الزيارة، التي قام بها في الآونة الاخيرة الدكتور احمد مجدلاني للجمهورية الايرانية الاسلامية، تركت اصداء إيجابية وسلبية في الاوساط الفلسطينية. ودار جدل حول مؤيد ومعارض لها. واعتبر البعض انها، جاءت في توقيت غير مناسب. وتترك بصمات غير ايجابية في اوساط الاشقاء العرب.

من موقع الاحترام لاصحاب وجهة النظر المعترضة على الزيارة، فإن المرء، رغم انه يعرف خلفية إيران السياسية تجاه دول العالم العربي، ويدرك حساباتها واجندتها القومية والطائفية. غير ان الجمهورية الاسلامية، تحتل مكانة اقليمية رئيسية ومقررة في المنطقة، ولها وزن على المستوى الاسلامي وفي منظمة عدم الانحياز وعالميا، ومن مصلحة القيادة والشعب الفلسطيني، ان تكون علاقتهم مع إيران طبيعية دون مبالغة. وذلك لابعاد ايران عن التدخل غير الايجابي في الشأن الداخلي، وللاستفادة من مكانتها على المستويات والصعد المختلفة في دعم السياسة الوطنية، ولدفعها لتقديم الدعم للشرعية الوطنية، ولتفعيل دور السفارة الفلسطينية في اوساط الشعب الايراني، على الاقل لجهة ترشيد الرؤى السياسية الخاطئة تجاه القيادة الشرعية، ولاستقطاب اوساط جديدة لدعم قضية الشعب الفلسطيني. وايضا من خلال العلاقة الرسمية الايجابية، تستطيع القيادة الفلسطينية، ان تكون بمثابة الجسر بين القيادات الايرانية والعربية لتقريب وجهات النظر، وإخراج العلاقات العربية الإيرانية من دائرة العداء إلى دائرة التقارب والتعاون بالقدر الممكن والمتاح، بما يحمي المصالح القومية لكل طرف، والعمل على إبعاد التأثيرات السلبية للجمهورية الايرانية من البلدان الشقيقة.

أضف إلى ذلك، ان القيادة الفلسطينية، معنية باستقطاب اي دولة لصالح دعم القضية الفلسطينية. فلماذا نخسر إيران مجانا، وبلا سبب. والاشقاء العرب عموما وفي دول مجلس التعاون الخليجي خصوصا، يعلمون ويدعمون القيادة الفلسطينية في فتح ابواب الدول المختلفة في العالم بما في ذلك إيران. والعمل على تحييد القضية الفلسطينية، وإبعادها عن التجاذبات والتناقضات العربية الرسمية مع هذه الدولة او تلك. لا سيما وانهم جميعا، يدركون جيدا، ان الرئيس محمود عباس والقيادة، لا يمكن إلا ان يكون إلى جانب الاشقاء العرب في السراء والضراء. ولا يسمحون لانفسهم استخدام العلاقات الدبلوماسية مع دول العالم ضد مصالح الاشقاء او للعبث بمصير العلاقات الاستراتيجية العربية العربية. بل كما كانوا، ووفق ما قاله احد القادة العرب الاساسيين للرئيس ابو مازن، «انت صمام امان للامن القومي». وبالتالي القيادة الفلسطينية، من خلال إدراكها لدورها القيادي الوطني والقومي.

إذا على اصحاب وجهة النظر المحذرة من العلاقة الايجابية مع جمهورية إيران، الانتباه للايجابيات الفلسطينية والعربية لهذه العلاقة. لا سيما ان القيادة الفلسطينية، تدرك جيدا ما تريده إيران، وما تعمل من اجله في المنطقة. والاختلاف في الاجتهادات والرؤى والحسابات، لا يفسد للعلاقات الدبلوماسية قضية، وليس مطلوبا من فلسطين وقيادتها، ان تكون نسخة طبق الاصل عن إيران والعكس صحيح. وحتى مع الدول الشقيقة والصديقة، الناظم للعلاقات، هي المصالح الخاصة والعامة.

كان يفترض على القيادة الفلسطينية فتح الابواب امام العلاقات الفلسطينية الايرانية على الاقل من مشاركة الرئيس ابو مازن في دورة منظمة دول عدم الانحياز الـ 16 في جمهورية إيران نهاية آب 2012. وعدم الانتظار حتى الآن. مع ذلك ان تأتي العلاقات مؤخرا خيرا من الا تأتي ابداً. تقول المقولة العلمية: عندما تتعامل مع شخص او مؤسسة او دولة تعرفه او تعرفها (تعرف اهدافها، سلبياتها وايجابياتها) تستطيع ان تتفادى السلبيات او تحد منها إلى الحد الاقصى.