حليف اسرئيل الوثيق لا يستطيع فعلا الدفاع عن تل ابيب في المحافل الدولية بسبب سياسة نتنياهو، فهل يناكف اوباما (الثعلب بيبي) الذي تخطى كل الشراك الدبلوماسية, والتف من خلف البيت الأبيض لينال العنب الطازج من كرمة الكونغرس؟! أم ان اوباما الذي اعلن في مقابلة مع محطة تلفزيونية اسرائيلية أنه يخشى تسارع خطوات القادة العرب والدول العربية نحو روسيا, وتوثيق العلاقات معها, وامكانية حضور السياسة الديغولية الفرنسية بقوة لمنطقة الشرق الأوسط, ودفع الرئيس الفرنسي اولاند لبوابة مجلس الأمن بقرار ينهي الاحتلال الاسرائيلي, لا يملك اوباما معارضته ما دام نتنياهو ( يسود وجه الادارة الأميركية ) بمواقف من موضوع حل الدولتين يصعب على الادارة الاميركية هضمها, او الدفاع عنها كما قال حرفيا في لقائه التلفزيوني الموجه مباشرة للجمهور الاسرائيلي.
نعتقد ان الدافع الأبرز لتحذيرات اوباما من سياسة نتنياهو, رؤيته القطبين العربيين السعودي والمصري وهما يتحرران تدريجيا من مبدأ الصمت على السياسة الأميركية المتعارضة مع مصالح الدول العربية, كتعامل ادارته مع الملف النووي الايراني, الذي جاء اطلاق هجوم "عاصفة الحزم " دون استئذان الولايات المتحدة الأميركية، ردا اشبه بصفعة على اتفاق نووي ايراني اميركي, وآخر آتاح تحالفا غير معلن, او التقاء مصالح, بين الولايات المتحدة وايران لمحاربة (داعش) في ساحة الحرب بالعراق, أما امتناع ملوك عرب عن حضور قمة كامب ديفيد, كموقف سلبي, معاكس لتغافل اوباما مخاوف دول الخليج العربي, من تمدد ايراني (مذهبي) ومكاني في العراق وسوريا ولبنان، فقد كانت ديباجة الرسالة الواضحة الفصيحة التي فهم اوباما ابعادها وتأثيرات تجاهله لمصالح الدول العربية الكبرى, والأمن والاستقرار فيها, وكذلك تهميشه المبادرة العربية وعدم الاهتمام بالموقف العربي الايجابي كمرجع لحل المشكلة الفلسطينية, ما دفع نتنياهو للقول انها لم تعد صالحة وذات جدوى!.
ننتظر من الرئيس باراك اوباما دور رئيس الدولة الأقوى في العالم، المعنية بحفظ الأمن والاستقرار في المناطق الحيوية في الشرق الأوسط والعالم ايضا, والانتصار لحقوق الانسان, ومبدأ الحرية, شعار الولايات المتحدة البراق, ننتظر منه دور الرئيس العالمي المقرر, نظرا لامتلاكه مفاتيح الضغط على دولة الاحتلال, لا ننتظر منه دور الواعظ النصوح, حتى وان كنا نسمع منه دائما حرصه على امن اسرائيل, ونقرأ عن امتنان ساسة (اسرائيل ) له باعتباره اكثر الرؤساء الأميركيين المعنيين بأمن دولتهم !.
المصداقية مطلوبة من اوباما لاقناعنا, بجديته ومصداقيته في العمل باخلاص لحل الدولتين على أساس قرارات ومرجعيات الشرعية الدولية, أما قوله ان :" المجتمع الدولي لا يصدق أساسا أن اسرائيل جدية في ما يتعلق بحل الدولتين", وأن اسرائيل تخاطر بفقدان "صدقيتها" اذا ما استمرت في رفضها قيام دولة فلسطينية مستقلة"، فهذا كلام يقوله خبير وأكاديمي او باحث في شؤون قضايا الشرق الأوسط وليس من رئيس الدولة الأعظم في العالم !.
كنا لا نعذر قادة ورؤساء عربا, تحولوا الى محللين سياسين أو يقدمون آراء ومواقف وجهات نظر ككتاب صحفيين, واذا بنا امام رئيس الولايات المتحدة الأميركية, وانتسب الى ذات النادي, او قد تحسبه استاذ علم نفس وسلوك, فيما نريده رئيس دولة كبرى, يحمل مسؤولية تأمين الاستقرار والأمن وانهاء الصراعات والحروب في منطقتنا, وفرض السلام بما يملكه من ادوات الضغط على شرايين دولة الاحتلال ( اسرائيل), حتى وان اقر أثناء حديثه للقناة الثانية الاسرائيلية ان نتنياهو يضع شروطا تعجيزية " غير واقعية " لقبوله بدولة فلسطينية ! " فنتنياهو يتحدث عن السلام وهو مكتوف الأيدي " هكذا وصفه اوباما !.
أهم ما في حديث اوباما هو اقراره واعترافه بطريقة دبلوماسية بان نتنياهو لا يؤمن بالسلام, وانما بسياسة ادامة الاحتلال والاستيطان على الأراضي الفلسطينية, وخشيته من التصدي للمبادرات العربية والأوروبية سيجرد ادارته من المصداقية قبل اسرائيل, ومن انقطاع آخر حزمة في حبل الحوار بين طرفي الصراع, ما يفتح الابواب على كل الاحتمالات, وهذا ما فهمناه من قوله: تصدينا حتى الآن لجهود الأوروبيين لاعتقادنا ان الطريقة الوحيدة للمضي قدما هي أن يعمل الطرفان سويا.. ولكن اذا لم تكن هناك آفاق لعملية سلام حقيقية، واذا لم يعد هناك أحد يؤمن بالسلام، فسيصبح أكثر صعوبة الحوار مع اولئك الذين يعلنون رفضهم البناء في المستوطنات" الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة".
فهل بدأ اوباما صياغة سياسة جديدة للتعامل مع القضية الفلسطينية, ام تراه (يمط) الوقت، حتى اذا افلت الشهور الستة المقبلة من ولايته الثانية سيصبح مكتوف الأيدي حينها, لكن الفلسطينيين والعرب فهموا الدرس واستوعبوه وهذا ما يجب ان يعلمه الرئيس اوباما, وآن الأوان لتبادر ادارته عمليا لفك قيود اسرائيل عن السلام.