الخبر:

حمَّلتقرير الأمم المتحدة إسرائيل المسؤولية عن قتل الشبان الذين حاولوا اختراق الحدوداللبنانية في ذكرى النكبة بعد إطلاق الرصاص الحي باتجاههم على الرغم من عدم تهديدحياة الجنود الاسرائيليين.

وجاءفي تقرير الأمين العام للأمم المتحدة والذي أعدهُ مبعوثه إلى لبنان مايكل وليامز،أن جنود الجيش الاسرائيلي استعملوا السلاح الحي على الرغم من عدم استعمالالفلسطينيين للسلاح او تهديد حياتهم. وأكد التقرير ان إسرائيل خرقت قرار الاممالمتحدة 1701 لأنَّ جنودها أطلقوا الرصاص الحي باتجاه المتظاهرين خارج الخطالأزرق.(وكالة وفا، 6/7/2011).

التعليق

(هذا الموقف المتقدم للأمم المتحدة الذي وثّقه مبعوث الأمين العام إلى لبنان مايكلوليامز بخصوص الجريمة البشعة التي ارتكبها جنود الاحتلال في 15/5/2011 في مارونالراس، هذا الموقف المبدئي شكَّل خطوة جريئة في كشف أبعاد الجريمة الصهيونية،والاستهتار الاسرائيلي بأرواح أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات على حدٍسواء.

فالتقريرالمعلن بتفاصيله يركِّز على مجموعة قضايا جوهرية تشكل بمجموعها الإدانة الكاملةسياسياً، وعسكرياً، وانسانياً:

أ- الشبان الفلسطينيون الذين حاولوا اختراقالحدود اللبنانية – لكنهم لم يفعلوا ذلك – لم يهددوا حياة الجنود الاسرائيليين.

ب- لقد استعمل جنود الجيش الاسرائيلي السلاحالحي على الرغم من عدم استعمال الفلسطينيين للسلاح أو تهديد حياة الجنود.

ج‌- إنإسرائيل خرقت قرار الامم المتحدة 1701 لأنَّ جنودها أطلقوا الرصاص الحي باتجاهالمتظاهرين خارج الخط الأزرق.

هذاالتقرير الموثّق من مايكل وليامز الذي يؤكد حصول الجريمة الاسرائيلية في يومالنكبة بحق مجموعة من الشبان استشهدوا في مارون الراس وعددهم ستة، إضافة إلى جرحما يزيد على مئة، جراح بعضهم خطيرة وما زالوا يتلقون العلاج حتى هذه اللحظات، هذاالتقرير أضاف صفحة جديدة في السجل الإجرامي الاسرائيلي المتواصل في الداخل وفيالشتات.

ردُّالفعل الاسرائيلي كان غاضباً على مايكل وليامز، فقد اتهمته وزارة الخارجيةالاسرائيلية بعدم الموضوعية لأنه أدان السلوك الاسرائيلي الاجرامي، وقررت الخارجيةمقاطعته، وعدم السماح له بالقيام بزيارة الخارجية وللتوضيح أكثر فإنّ الشهداءالستة الذي سقطوا في مارون الرأس خلف الشريط الفاصل لا تزيد أعمارهم عن العشرينعاماً، وهم من مخيمات مختلفة:

فالشهيدمحمود سالم من مخيم البص، والشهيد محمد سمير الصالح من مخيم برج الشمالي، والشهيدخليل أحمد محمد من مخيم الجليل، أما الشهيدان عبدالرحمن صبحة، وعماد احمد ابو شقرةفهما من مخيم عين الحلوة، أما الشهيد محمد ابراهيم ابو شلّيح فهو من مخيم الميةومية. بالتأكيد ليس هناك سابق معرفة أو تخطيط بين هؤلاء الشهداء، أمّا الذي جمعهم،ودفعهم إلى الشريط الفاصل، إنما هو الشعور الوطني الجامع الذي جعلهم لا يقيمونوزناً للحياة الدنيا، وإنما تملّكهم حبُّ الشهادة والاستشهاد. عندما وقفوا على تلةمارون الرأس التي استُشهد عليها آباؤهم وهم يقاومون الاحتلال الاسرائيلي في أواخرالستينات السبعينات اندفعوا نحو أرض الوطن التاريخية، اندفعوا نحو الجنة التيتنتظرهم، ولم يخطر ببالهم أن هناك حدوداً، وقيوداً وشروطاً، وأنَّ هناك ألغاماً،ورصاصاً، وإنَّ الدم ينزف، وإنَّ الروح تصعد إلى بارئها.

الجريمةالاسرائيلية لم تسمح لهذه الثلة من البراعم في عمر الورود أن يحلموا برؤية أرضهم،أرض آبائهم وأجدادهم، فقبل أن يصلوا كان الرصاص المتفجِّرْ بانتظارهم يستهدف منهمالقلب، والصدر، والرأس، وكلَّ مقتل من أجسادهم الطاهرة.

كانجنود الاحتلال يتوقعون أن سقوط الشهيد والجريح، ونزيف الدماء سيجعل الآخرينيفرُّون من ساحة التحدي، لكنَّ حساباتهم كانت مغلوطة تماماً، كما كان تاريخهمكلُّه مبنياً على الدجل، والتضليل، والخداع. وفوجئ جنود الاحتلال بأنَّ المئات منالشبان يزحفون بصدور عارية نحو الشريط الفاصل وهم عزَّلٌ من السلاح، كانت الغلبةللإيمان الذي لا يتزعزع، والارادة الوطنية التي لا تلين، والعشق الفلسطيني الذي لايخون.

جريمةإطلاق الرصاص المتفجِّر على هذه الثلة من الشبان الأوفياء انما تنطلق من أمرينأساسيين:

أولاً:حالة الرعب التي يعيشها الجندي الاسرائيلي عندما يواجهُ الانسانَ الفلسطيني صاحبَالأرض التاريخية، المتمسِّكَ بحقوقه فيها، وبحقه في العودة إليها، بينما الجنديالاسرائيلي يدرك تماماً أنه هو المغتصب، وهو السارق للأرض، وهو القاتل للأبرياء،وهو المزوِّر للتاريخ، وهو المتمرد على الشرعية الدولية، وهو العدو الحقيقي للبشرية.

ثانياً:هذا الجندي الاسرائيلي الذي اعتاد على ارتكاب المذابح والمجازر قبل النكبة، وأثناءالنكبة، وبعد النكبة في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة لم يخضع يوماً للمساءلة،أو المحاسبة، وإنما كان يحصل على الترقيات كلما ارتكب جريمة جديدة.

الشهداءاكدوا للإحتلال وللعالم بأن حق العودة مقدَّس، وأنَّ الأجيال متمكسةٌ بالعودة،الجيل بعد الجيل، وفلسطين في الذاكرة والقلب والوجدان.

شكراًللأمين العام للأمم المتحدة، ولمبعوثة إلى لبنان مايكل وليامز الذي أنصف شعبنا،وتجرَّأ على ذلك رغم معرفته بما ينتظره، لكنه أصرَّ على وضع النقاط على الحروف،وتثبيت الحقائق بمواجهة الدسائس الاعلامية والسياسية.

الحاجرفعت شناعة