تداولت وسائل الاعلام الاسرائيلية ومن يدور في فلكها خلال الايام الماضية خبرا مفاده، ان القيادة المصرية برئاسة المشير عبد الفتاح السيسي “وافقت” على اقامة دولة فلسطينية في سيناء؟!
بعض البسطاء من عامة الناس تداولوا الخبر، وتعاملوا معه كحقيقة، ونسي هذا القطاع من المواطنين، ان الخبر من ألفه الى يائه عار عن الصحة، ولا اساس له في الواقع، ويتنافى مع مرتكزات ثورة الـ30 من يونيو 2013، التي قادها الرئيس السيسي.
ولو فكر اي مواطن بسيط بأسباب وعوامل الثورة المصرية الثانية قليلا، لأمكنه اسقاط الخبر، ورفض التوقف أمامه نهائيا او مناقشته او مجرد التفكير به. لان ثورة يونيو الثانية، كان احد اسبابها التصدي لتفريط نظام الرئيس الاخواني المعزول، محمد مرسي بالاراضي المصرية، وموافقته على التنازل عن حوالي 750 كم من الاراضي المصرية لاقامة امارة اسلامية بقيادة حركة حماس، فرع الجماعة في فلسطين. وكان مرسي والمرشد بديع ونائبه الشاطر قبضوا ثمن الارض من الادارة الاميركية، وهو ثمانية مليارات دولار اميركي، فضلا عن مبلغ اخر يقدر بسبعة عشر مليار دولار اميركي لدعم سياسات جماعة الاخوان المسلمين التمزيقية لوحدة الارض والشعب المصري، ومن ثم وحدة الشعوب العربية الى دويلات دينية وطائفية ومذهبية واثنية. وذلك لخدمة المخطط الاستراتيجي الاميركي الاسرائيلي لتقسيم وتجزئة الوطن العربي الكبير اكثر مما هو ممزق.
ولكن لماذا سوقت وروجت وسائل الاعلام الاسرائيلية والاخوانية ومن يتساوق معها الخبر؟ هل هي الصدفة المحضة ام ان هناك خلف الاكمة ما خلفها؟ بالتاكيد نشر وتعميم الخبر، وتسليط الضوء عليه الآن، لم يكن وليد الصدفة، ولا هو من اجل الثرثرة الاعلامية واللغو غير المجدي، انما كان له اسبابه واهدافه، اولا: تشويه سمعة ومكانة نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي في اوساط الفلسطينيين والعرب عموما، واظهاره كانه “استمرار” لنظام الرئيس المخلوع مرسي. ثانيا: تضييق الخناق على النظام المصري ومحاصرته سياسيا، ومضاعفة ازماته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بهدف اجهاضه وضرب تجربته قبل ان يشتد عوده.
ثالثا: الايحاء للقارئ والمراقب سقوط خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. رابعا: خلق بلبلة في الشارع الوطني. خامسا: وفي أسوأ الاحوال نشر الخبر يكون بمثابة بالون اختبار للمزاج العام الفلسطيني والمصري، وكيفية تعاطيه مع الخبر.
اذا ما تناقلته وسائل الاعلام الاسرائيلية وفضائيات ومنابر جماعة الاخوان المسلمين الاعلامية ليس سوى كذبة اسرائيلية مفضوحة ورخيصة، لا تمت للحقيقة بصلة.