استأنف الوفدان الفلسطيني والاسرائيلي امس، مفاوضات غير مباشرة في القاهرة من أجل التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار ورفع الحصار عن قطاع غزة، وذلك بعد ان دخلت تهدئة لمدة 27 ساعة حيز التنفيذ. وتحدثت تقارير إسرائيلية عن اتفاق حول تخفيف الحصار عن غزة دون نزع أسلحة المقاومة، وسط تأكيدات وتوافقات على ان السلطة الوطنية الفلسطينية ستتولى تنفيذ كل ما يتفق عليه في القاهرة. وحذر جيمس رولي اكبر مسؤول انساني لدى الامم المتحدة في الاراضي الفلسطينية، من ان نزاعا جديدا سيندلع على الارجح في غزة اذا لم ترفع اسرائيل حصارها عن القطاع. الا ان وزراء من اليمين الاسرائيلي دعوا الى عدم رفع الحصار ومنح المقاومة الفلسطينية انتصارا سياسيا ، وذهب بعضهم الى التلويح مجددا بالاستعداد لاحتلال قطاع غزة، في حين طرح وزير المالية يائير لبيد خطة تقوم على أربعة محاور تسعى في محصلتها الى تعزيز أمن المستوطنات.
وقال وزير الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلية يوفال شتاينتس في مقابلة إذاعية امس، إن سحب سلاح الفصائل المسلحة في قطاع غزة أمر حيوي للحفاظ على استمرارية هدنة طويلة الأمد وعبر عن أمله في أن يتم التوصل إلى هذا الأمر عبر القنوات الدبلوماسية وليس باستخدام القوة.
وقال للإذاعة الإسرائيلية "آمل حقا التوصل إلى حل دبلوماسي. أنا مقتنع أنه عاجلا أم آجلا سيكون علينا اختيار الحل العسكري واستعادة السيطرة المؤقتة على القطاع لنزع السلاح منه مرة أخرى".
والتزمت اسرائيل والمقاومة الفلسطينية امس، بالتهدئة، ولم يتم اطلاق اي صاروخ من قطاع غزة فيما لم يشن الطيران الاسرائيلي اي غارة على القطاع منذ منتصف ليل الاحد –الاثنين.
وانتشلت طواقم الاسعاف والدفاع المدني امس، جثماني شهيدين من تحت أنقاض منزل في بلدة خزاعة، فيما أعلنت مصادر طبية في مستشفى العريش المصري عن استشهاد المواطن محمد الرومي من رفح متأثرا بجروح أصيب بها في وقت سابق خلال العدوان. وكانت الرضيعة ميداء محمد أصلان "شهر ونصف الشهر" استشهدت متأثرة بجروحها التي أصيبت بها في قصف إسرائيلي سابق وسط قطاع غزة.
وباستشهاد المواطنين الأربعة امس، ترتفع حصيلة الشهداء في العدوان الإسرائيلي منذ السابع من تموز الماضي إلى 1944 شهيدا، غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن، إضافة إلى نحو 9886 جريحا، وما زال عدد كبير منهم يتلقون العلاج في مختلف مستشفيات القطاع.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، في موقعها الألكتروني، إن معلومات وصلتها مساء امس، الاثنين، تشير إلى أن إسرائيل ستوافق على تخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة. وأضافت أن إسرائيل ستوافق على تحويل الرواتب لموظفي الحكومة في قطاع غزة، عن طريق طرف ثالث، كما تم الاتفاق على توسيع مساحة صيد الأسماك في شواطئ غزة، بحيث تبدأ بـ6 أميال. كما تم الاتفاق أيضا على إدخال مواد البناء، ولكن تحت رقابة مشددة. ورفضت فكرة نزع أسلحة الفصائل الفلسطينية كما يطالب بذلك المسؤولون الإسرائيليون.
وتابعت "يديعوت أحرونوت" أنه من المتوقع أن توافق إسرائيل بشكل نهائي على مضاعفة عدد الشاحنات التي تدخل إلى قطاع غزة عن طريق معبر كرم أبو سالم لتصل إلى 600 شاحنة يوميا. وبحسب المصادر ذاتها فإن إسرائيل ستزيد من عدد تصاريح الدخول إليها عن طريق معبر بيت حانون (إيريز)، كما سيتم توسيع المعايير التي يسمح فيها لسكان قطاع غزة بدخول إسرائيل والضفة الغربية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه لم يتم بعد التوصل إلى أي اتفاق بشأن الميناء البحري. وأشارت في هذا السياق إلى أن جهات من حركة حماس قالت مساء أمس إنه من الممكن تأجيل الانشغال بقضية المطار والميناء في حال وافقت إسرائيل على باقي المطالب، وفي هذه الحالة فإن هذه الجهات تريد موافقة مبدئية إسرائيلية على المطار والميناء.
وأضافت أن إسرائيل تعارض حتى اللحظة إقامة ميناء بحري أو مطار في قطاع غزة، وذلك بذريعة المخاوف من استخدامها لنقل أسلحة ووسائل قتالية.
يذكر في هذا السياق أن رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، عاموس يدلين، كان قد قال قبل عدة أيام إنه من الممكن اشتراط إقامة الميناء بأن يكون مدنيا وتحت الرقابة، مشيرا إلى أن إقامته سوف تستغرق 4 سنوات، كما أن إسرائيل سبق وأن وافقت على بناء الميناء في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات.
أما بالنسبة لمعبر رفح، ورغم أنه، بحسب الصحيفة، لا يتصل مباشرة بإسرائيل، فإنه من المرجح أن الطرفين المصري والفلسطيني يميلان إلى تسليم المسؤولية عليه لقوات الأمن التابعة للسلطة.
إلى ذلك، قالت "يديعوت أحرونوت"، نقلا عن مصدر قريب من الوفد الفلسطيني قوله مساء امس إن المحادثات تواصلت منذ الساعة الواحدة من بعد ظهر امس بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي بوساطة مصرية ودون جدول زمني محدد. وبحسب المصدر نفسه فإن المفاوضات معمقة وصعبة، بيد أن المشترك هو أن جميع الأطراف معنية بالتوصل لاتفاق وليس العودة إلى التصعيد.
وجاء أن الوفد الإسرائيلي عاد إلى تل ابيب مساء امس، ومن المقرر أن يعود صباح اليوم إلى القاهرة لمواصلة المحادثات. وضمن الوفد الإسرائيلي رئيس الشاباك يورام كوهين، ورئيس الدائرة السياسية الأمنية عاموس غلعاد، والمبعوث الخاص لرئيس الحكومة المحامي يتسحاك مولخو، وما يسمى "منسق عمليات الحكومة في المناطق" (الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67) يوآف مدرخاي، ورئيس شعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي نمرود شيفر.
وكانت مصر دعت الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي الى "استغلال الهدنة في استئناف الجانبين للمفاوضات غير المباشرة بصورة فورية ومتواصلة، والعمل خلالها على التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار شامل ودائم".
وحذر جيمس رولي اكبر مسؤول انساني لدى الامم المتحدة في الاراضي الفلسطينية من ان نزاعا جديدا سيندلع على الارجح في غزة اذا لم ترفع اسرائيل حصارها عن القطاع الفلسطيني.
وقال رولي انه يجب تلبية مطالب اسرائيل الامنية المشروعة لكنه حذر من انه بدون رفع الحصار "يرجح" ان تحصل جولة ثانية من القتال. واوضح "ليس فقط نرى عراقيل امام اعادة الاعمار، لكنني اتخوف من ان الظروف قائمة لجولة جديدة من العنف مثل التي نشهدها الآن".واضاف "يحتمل وقوع نزاع آخر". واضاف "يجب رفع الحصار ليس فقط من اجل ادخال مواد الى غزة من اجل اعادة الاعمار وانما لافساح المجال امام غزة لكي تقوم بما كانت تقوم به قبل عشر سنوات، التجارة مع العالم الخارجي".
وقال رولي ان هناك "مؤشرات" على تغير المواقف في اسرائيل. واوضح "نشهد مؤشرات وآمل في ان تسمع اصوات الذين يرون في اسرائيل ان هناك ضرورة لرفع الحصار".
وعلى عكس توقعات رولي، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان إلى عدم منح المقاومة مكاسب سياسية في اتفاق وقف إطلاق النار، وقال إنه «يحظر التلكؤ أو جعل الأمر يبدو وكأن محاربة إسرائيل أمر مجد». وأبدى ليبرمان مواقف متشددة من المطالب التي يطرحها الوفد الفلسطيني ودعا إلى عدم الاستجابة لها.
ومثل ليبرمان خلال العدوان على قطاع غزة الجناح المتشدد في المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية "الكابينيت" ويشاركه المواقف رئيس البيت اليهودي، نفتالي بينيت وعدد من وزراء الليكود.
وقال ليبرمان في مقابلة مع موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت": "لا ينبغي التلكؤ أو جعل الأمر يبدو كأن محاربة إسرائيل مجدية. يحظر أن تكون نتيجة المواجهة التي بدأت باختطاف وقتل الفتيان الثلاثة واستمرت بالمواجهة في غزة، خروج حماس في نهايتها بشعور بأن الإرهاب مجد"، حسب تعبيره.
ويعترف ليبرمان بأن سبب الحرب هو العمليات العسكرية التي شنتها إسرائيل في الضفة الغربية وحملة المداهمة والاعتقالات التي طالت ناشطي حركة حماس، لكن يحمل مسؤولية كل ذلك لحماس. وقال زاعما: "المواجهة الحالية بدأت حينما أصدرت حماس غزة تعليمات بخطف المستوطنين الثلاثة وقتلهم ، وبعد ذلك أطلقت قذائف صاروخية ضد المدنيين".
وقال يحظر إنهاء الحملة العسكرية دون استعادة جثث الجنديين. وأعرب عن رفضه لترتيب حصول موظفي حكومة حماس السابقة بمن فيهم أفراد الجهاز العسكري على مرتباتهم. كما أعرب عن رفضه تحرير معتقلين وأسرى، وقال "لا نوافق على تحرير أي أسير، ولا معتقلي صفقة شاليط ، ولن نوافق على إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين كما يطلب الرئيس محمود عباس". وأضاف أن إعادة إعمار غزة يجب أن تكون تحت رقابة مشددة على الأموال ومواد البناء لضمان عدم استخدامها لأغراض عسكرية.
واعتبر استاذ العلوم السياسية في جامعة الاقصى في غزة مخيمر ابو سعدة ان "حماس تتخوف من ردة فعل الشارع" الفلسطيني في حال تقديمها تنازلات بعد استشهاد اكثر من 1900 مواطن.
بينما راى عدنان ابو عامر وهو استاذ العلوم السياسية في جامعة الامة في غزة بانه مع الخسائر الثقيلة على الجانب الاسرائيلي حيث قتل 64 جنديا اسرائيليا، "رفعت حركة حماس سقف مطالبها". ويرى المعلقون بانه يجب على حركة حماس حاليا التعامل مع توازن القوى في الشارع الفلسطيني.
وقال عزام الاحمد وهو مسؤول في حركة فتح ورئيس الوفد الفلسطيني في القاهرة لوكالة فرانس برس ان "حكومة التوافق الوطني ستتولى تنفيذ كل ما يتفق عليه" في القاهرة. واضاف "الاتفاق بين اسرائيل والسلطة الوطنية برئاسة محمود عباس وبموافقة كل الوان الطيف السياسي في الساحة الفلسطينية".
وعلى الرغم من دعم الشارع الفلسطيني للوحدة الوطنية الفلسطينية، رأى ابو سعدة انه في حال اثمرت مفاوضات القاهرة عن اتفاق فان "السلطة الفلسطينية ستكون هي صاحبة النصر".
واكد ابو عامر انه "في الايام الاولى للحرب كانت السلطة الفلسطينية الخاسر الاكبر من هذه الحرب ولكن مع تطورات الميدان والمفاوضات وجهد الوسيط المصري حولت السلطة الى اكثر الاطراف مكسبا لهذه الحرب". واضاف "ستكون السلطة صاحبة القرار فيما يتعلق بالمعابر والحدود والموانئ" في حال وافقت اسرائيل على تشغيل ميناء غزة.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق في القاهرة لفرانس برس ان "حركته ليس لديها مانع ان تتولى السلطة اعادة اعمار غزة وتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه". واضاف" اننا مع تشكيل هيئة وطنية تتولى اعادة الاعمار مشكلة من الرئيس عباس (على ان ) يكون رئيس الهيئة شخصية نظيفة ومهنية وذات شفافية مشهود لها تتمتع بقبول دولي. اذا اراد الرئيس عباس ان تتولى الحكومة مباشرة هذه المهمة ليس لدينا