نجحت الدبلوماسية المصرية امس في دفع الفريقين الفلسطيني والاسرائيلي الى الموافقة على تهدئة جديدة لمدة 72 ساعة في قطاع غزة ابتداء من منتصف الليلة الماضية، ويأتي ذلك وسط أنباء عن بدء تجاوب حركة "حماس" مع اتصالات أجراها مقربون من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للتوصل إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار في غزة، وفق ما ذكرت "الرسالة نت" الحمساوية. وقالت مصادر مطلعة لـ"الرسالة نت"، إن قياديا من حماس في غزة تلقى اتصالا هاتفيا قبل بضعة أيام من شخصية مقربة من نتنياهو للتباحث المشترك في التوصل إلى اتفاق مدته ما بين 5-10 سنوات، ولم توضح حماس عن قناة الاتصال ووصفتها بأنها سرية، لكن على الأرجح يدور الحديث عن قناة الاتصال التي لعبت دورا مركزيا في صفقة الوفاء للأحرار (شاليط) والتي دارت بين القيادي في حركة حماس غازي حمد، والباحث الإسرائيلي غرشون باسكين. وتواصل القصف الاسرائيلي على القطاع حاصدا 11 شهيدا منذ فجر امس، الى جانب عشرات الجرحى، وباستشهاد المواطنين الـ11 يرتفع عدد شهداء العدوان المتواصل على قطاع غزة لليوم 34 إلى 1939 شهيدا، ونحو 9886 جريحا.
وأصرت مصر في مفاوضات الوصول لتهدئة على ضرورة رفع الحصار الاسرائيلي عن قطاع غزة وألقت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها امس الكرة في ملعب اسرائيل. وقالت الخارجية "اتصالا بتطورات الأوضاع المأساوية في قطاع غزة والدور الذي تقوم به مصر لوقف سفك دماء الأبرياء من الشعب الفلسطيني وتقديم الدعم الكامل لتحقيق تطلعاته المشروعة وتخفيف معاناته الإنسانية، تواصل مصر جهودها (...) خاصة فيما يتعلق برفع الحصار اللاانساني الذي تفرضه إسرائيل علي قطاع غزة" واضافت مطالبة "بإنهاء هذا الحظر من منطلق التزام إسرائيل بمسؤولياتها باعتبارها قوة احتلال".
وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان آخر صدر عنها، مساء امس، إن تصاعد الأحداث في قطاع غزة، وضرورة حقن دماء الأبرياء، فإن مصر تدعو الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني للالتزام بوقف إطلاق نار جديد لمدة 72 ساعة اعتبارا من منتصف الليلة (الماضية)، من أجل تهيئة الأجواء لتدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية اللازمة وإصلاح البنية التحتية، واستغلال تلك الهدنة في استئناف الجانبين للمفاوضات غير المباشرة بصورة فورية ومتواصلة، والعمل خلالها على التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار شامل ودائم.
ووافق الوفد الفلسطيني برئاسة عزام الأحمد، على التهدئة لمدة 72 ساعة، بعد أن وافقت إسرائيل على استئناف المحادثات دون شروط مسبقة. وأعلن الأحمد، الليلة الماضية، موافقة الوفد على الدعوة المصرية بخصوص استئناف التهدئة من جديد، وأكد ان بيان وزارة الخارجية المصرية نص على ضرورة أن يكون هناك تمثيل من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي .
وشدد الأحمد في تصريح له عقب البيان الذي أصدرته الخارجية المصرية أن الوفد الفلسطيني حريص جدا على استغلال فترة التهدئة الجديدة من أجل انجاز اتفاق شامل يتم فيه تثبيت وقف اطلاق النار في صيغه اتفاق شامل. وطالب بضرورة وقف المماطلة الاسرائيلية والتسويف والنقاش "البيزنطى" من أجل العمل على انجاز تفاهمات نهائية حول المطالب التي تقدم بها الجانب الفلسطيني، والتي من شأنها ان ترفع الحصار عن غزة وتنهي حالة القهر التي يعيشها اكثر من مليون ونصف فلسطيني مع العمل على وقف هذا الدمار الشامل للعمليات العسكرية برا وبحرا وجوا .
وناشد الاحمد كافة الدول والبلدان الشقيقة والصديقة سرعة التحرك إلى قطاع غزة لتوصيل كل ما يمكن من مواد غذائية وطبية وتشغيل مولدات الكهرباء واصلاح البنى التحتية لتخفيف المعاناة على قطاع غزة . وقال نحن ابلغنا من الوفد المصري ان الوفد الاسرائيلي وصل الى القاهرة وبالتالي ستستأنف المفاوضات بين الجانبين عبر الوسيط المصري في ظل هذه التهدئة التي حتما اجواؤها ستساعد على التباحث وتعطي روحا من المسؤولية اكثر.
وطالب الأحمد الوفد الاسرائيلي بعدم المماطلة واستغلال كل دقيقة، خاصة انه لا يوجد مطالب جديدة للفلسطينيين اطلاقا، وقال إن كل ورقتنا التي قدمناها ليس اكثر من استعادة آليات العمل لدب شريان الحياة الى قطاع غزة وفق ما كان معمولا به قبل الانقسام الذي استغلته اسرائيل ووسعت حالة الانقسام وسلبت كثيرا من الحقوق التي سبق وقعت عليها مع الجانب الفلسطيني.
وأكد ان حكومة التوافق الوطني والسلطة الوطنية الفلسطينية بكل أجهزتها هي التي ستتولى تنفيذ كل ما يتفق عليه، واستأنف قوله: "سنعيد كل الامور الى نصابها وبالتالي هذا الاتفاق بين اسرائيل والسلطة الشرعية اي السلطة الوطنية الفلسطينية وبموافقه كل الوان الطيف السياسي في الساحة الفلسطينية".
وقال الأحمد: "إننا سلمنا المسؤولين المصريين جزءا من تفسيرنا لمطالبنا وهم سيجتمعون لاحقا مع الجانب الاسرائيلي، ولكن سبق ان أبلغونا رأي الجانب الاسرائيلي وأبلغوا الجانب الاسرائيلي مطالبنا ولكن الطرفين لديهم استفسارات والجانب المصري سيتنقل بين الطرفين طيلة الفترة القادمة التي نأمل ان يستغل كل دقيقة فيها ولا يلجأ خاصة الوفد الاسرائيلي لإطلاق النار".
وقال مسؤولون إسرائيليون إن إسرائيل قبلت تهدئة جديدة اقترحتها مصر وستعاود إرسال المفاوضين الإسرائيليين إلى القاهرة إذا استمرت التهدئة. وأضاف المصدر الاسرائيلي، في تصريح للقناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيلي، مساء امس، أن "إسرائيل أبلغت مصر بموافقتها على وقف إطلاق النار" اعتبارا من (00:01) بتوقيت القدس. ومضى قائلا إن "وفدا إسرائيليا سيذهب إلى مصر صباح غد (الاثنين)، لمواصلة المفاوضات حول هدنة متبادلة ودائمة".
وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي اعلن امس ان اسرائيل لن تفاوض للتوصل الى تهدئة في قطاع غزة بينما يتم اطلاق الصواريخ من القطاع عليها. وقال نتنياهو في تصريحات خلال الاجتماع الاسبوعي للحكومة الاسرائيلية "اسرائيل لن تفاوض تحت النار". واضاف "عملية الجرف الصامد مستمرة (...) وستستمر حتى استكمال تحقيق اهدافها وهي استعادة الهدوء لفترة طويلة".
في غضون ذلك، أفادت مصادر مطلعة بأن جهات في حركة حماس بدأت تتجاوب مع اتصالات أجراها مقربون من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للتوصل إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار في غزة، وفق ما ذكرته "الرسالة نت". وقالت المصادر إن قياديا من حماس في غزة تلقى اتصالا هاتفيا قبل بضعة أيام من شخصية مقربة من نتنياهو للتباحث المشترك في التوصل إلى اتفاق مدته ما بين 5-10 سنوات.
وأضافت أن الخطوة الإسرائيلية جاءت بعد قناعة بأن السلطات الحاكمة في مصر تريد اتفاقا بين غزة وإسرائيل، وأن سعي القاهرة وراء مصالحها الخاصة أكثر من مصلحة إسرائيل.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن هناك خشية حقيقية من تدهور الأمور في أي لحظة إلى "نقطة اللا عودة"، وهي قناعة وصل إليها الأميركيون أيضا. وقالت إن المحادثات تسير بموازاة ما يجري في القاهرة من مفاوضات، وتحقق تقدما أفضل وبعيدا عن وسائل الإعلام، موضحة أن إسرائيل تريد حربا مع غزة كل عامين، خاصة مع الأضرار الصعبة التي تشوه صورتها أمام المشهد العالمي.
ولم توضح حماس عن قناة الاتصال ووصفتها بأنها سرية، لكن على الأرجح يدور الحديث عن قناة الاتصال التي لعبت دورا مركزيا في صفقة الوفاء للأحرار (شاليط) والتي دارت بين القيادي في حركة حماس، غازي حمد، والباحث الإسرائيلي غرشون باسكين.
وباسكين هو باحث إسرائيلي يدير مركزا أسسه عام 1988 باسم "إيفكري- مركز إسرائيل- فلسطين للمبادرات الإقليمية. ويحافظ على اتصال مع عدد من قيادات حماس وبعض الأكاديميين في غزة، وأكد لإذاعة الجيش الإسرائيلي في مقابلة أجرتها معه قبل نحو أسبوع، أنه لم ينجح في الحديث مع اي من قادة حماس خلال الحرب لأنهم أصبحوا أهدافا لإسرائيل وتواروا عن الأنظار ولا يردون على هواتفهم.
وأكد باسكين في المقابلة بأن الحكومة الإسرائليية لا تفهم كيف يفكر الفلسطينيون، وأكد أن فصائل المقاومة الفلسطينية لم تتعرض لأضرار كبيرة خلال الحرب كما تعتقد إسرائيل وأنها مستعدة لمواصلة الحرب لوقت طويل.