الكويت- شذى فرزلي *

بينما يعيش الطلاب فترة ارتياح صيفية، تعيش الجامعات والمدارس والمعاهد التأهيلية المهنية ( القطاع الخاص على نحو أكثر تحديدا)  فترة من اللهاث والبحث عن زبائن ( طلاب) جدد يملؤون مقاعدها مطلع كل عام دراسي جديد ، ويؤمنون لها دوام أعمالها . هذا اللهاث يترجم، يوميا بحملات إعلانية تحاصر الطلاب وأهاليهم بحملات تسويقية تتوافد عبر وسائل الإعلان بتواتر مرتفع عبر وسائط الإعلان التقليدية والإلكترونية. ولكنها بالكاد تحقق الأهداف المطلوبة لأسباب متعددة أهمها:    

الهوية التسويقية المتميزة، أين هي؟

يعتبر الافتقار إلى الهوية التسويقية الفريدة والتي تميز المؤسسة التعليمية عن غيرها مشكلة حقيقية. فكثيرا ما تتمتع الجامعات بمنتجات تعليمية مقبولة ( طرائق التدريس- هيئة التدريس- التقديم والتخصصصات- التسعير)  ولكنها تحقق تقدما ضعيفا في التواصل الصحيح  مع المجتمعات الطلابية المستهدفة. قد يسفر هذا كم التشابه الذي يحمله مضمون الإعلانات التي تقدمها الجامعات والتي تتضمن عبارات مثل ( المستقبل الأفضل، التطور، الغد، جودة التعليم، الواظائف الأفضل ..) بل ووجوها إعلانية متشابهة لشباب وشابات يطلون عبر الإعلانات وتطبيقات الموبايل في ظل غياب المحتوى التعليمي ( Educational Marketing Content)  الذي يدعم معرفة المجتمع الطلابي المستهدف بمعلومات أعمق عن المنتج التعليمي المطروح والأرقام حول الخريجين والتوظيف وطبيعة الشراكات المسؤولة للمؤسسة التعليمية مع القطاع الحكومي ومجتمع الأعمال.  

الموقع الإلكتروني الخاص بالمؤسسة التعليمية

 مع تزايد مؤشرات الأثر التسويقي لمواقع  التواصل الاجتماعي باتت المواقع الإلكترونية لبعض المؤسسات التعليمية خيارا ثانويا فيما يتعلق بالتحديث والتطوير وتفعيل الاستخدام بل حتى بالربط الصحيح مع صفحات المؤسسة التعليمية عبر شبكات التواصل الاجتماعي. في الوقت الذي يجب أن يظل فيه الموقع الإلكتروني عنصرا أساسيا في الحملة التسويقية ينسجم مع الهوية التسويقية للمؤسسة التعليمية و يتضمن زوايا تفاعلية ويسهل من خلاله وصول زوار الموقع إلى معلومات صحيحة عن المؤسسة التعليمية و التفاعل معالمؤسسة التعليمية وطرح التساؤلات ونماذج التسجيل

الحضور الصحيح للمؤسسة عبر وسائل التواصل الاجتماعي: 

ازداد استخدام إداراة التسويق في الجامعات لوسائل التواصل الاجتماعي  ولكن ما مدى فعالية هذا الوسائل وهل يتم تقييم حضورها بطرق تقنية صحيحة ووفقا لاحتياجات التسويق، وهل تحقق هذه الوسائط  ربطا حقيقيا بين الجامعة والطلاب الحاليين والمستقبلين ( Students Engagement). على سبيل المثال تعج صفحات الإنستغرام الخاصة لبعض الجامعات بإعلانات التسجيل وآخر الإشعارات للطلبة بينما تستخدم بعض الجامعات تطبيقات الموبايل لتسريع التواصل مع الطلبة فهل هذا كاف؟ هذا لم يعد كافيا، لأنه حضور للجامعة في وسائط يحضر فيها جمهورها ولكن الجمهور في معظم الحالات يكون أكثر فعالية والمحتوى التسويقي الذي تضيفه الجامعات للتسويق عبر وسائط التواصل ليس تفاعليا على نحو كاف وفي كثير من الأحيان ينتمي إلى حقبة تسويقية أقدم حيث يخاطب الجمهور بتعال ولا يترك له حرية المبادرة أو المشاركة في صنع المحتوى الإلكتروني في وقت يرغب فيه الطلاب الحاليون بمشاركة فيديوهات حقيقية من فصولهم الدراسية عبر تطبيقات ذكية أو عبر الإنستغرام واليوتيوب، التي قد يكون لها أثر تسويقي أكبر من فيديوهات يتحدث فيها شباب عن سبب اختيارهم لهذه الجامعة بكلام أعده لهم آخرون. 

هل من فعاليات مفتوحة تعزّز شراكات المؤسسة مع جمهورها؟  

تعبر الفعاليات والأحداث الذكية  التي تقيمها المؤسسة التعليمية عن ثقة المؤسسة بقدراتها ورغبتها بتعزيز شراكاتها الاستراتيجية مع شركائها في الأعمال وجمهورها المستهدف. هذه الأيام المفتوحة فرصة سخية لدعم الحملة التسويقية للمؤسسة التعليمية وهي تعبر عن ثقة المؤسسة بقدرتها على التواصل كما وأنها تفتح المجال لتقييم جهود التسويق والاستماع لشهادات حية من الزبائن المحتملين وعما يبحثون عنه فعلا. وفي الوقت الذي تطرح فيه جامعات كبيرة في أوروبا دورات تحضيرية ومجانية لخريجي المرحلة الثانوية والطلاب المحتملين في حرمها الجامعي لا زالت الكثير من الجامعات في عالمنا العربي تغلق أبواب كلياتها في فترة التسجيل الجامعي وتكتفي بقسم خدمة العملاء وتشغيل إدارة التسجيل للقاء الطلاب وأهاليهم والذين ينتظرون ما هو أكثر من ذلك بكثير. 

 تفسر النقاط السابقة انحسار نجاح بعض الحملات التسويقية للمؤسسات التعليمية ولكنها تفترض جميعها وجود المنتج التعليمي الجيد والذي يضيف وجود عيوب فيه أسبابا حقيقية تحد من أثر التسويق إلى حد بعيد. 

 

*شذى فرزلي:  مهندسة تحمل ماجستير في الأعمال. أستاذة جامعية وتعمل في مجال تطوير الأعمال والتدريب. كاتبة في أكثر من صحيفة عربية ومهتمة بمجال التقنية ووسائط التواصل الاجتماعي.