إن كنا واضحين اليوم بان فلسطين كل فلسطين لنا ، فان قراءة الواقع الحالي و بنتيجته اليوم التي تقول أن الثوابت (الأهداف) الفلسطينية المتفق عليها هي إقامة دولة فلسطينية في حدود العام 1967 لا تعني إقرارا لهم بالأرض أبدا، أوبالرواية أو بالتاريخ المؤسطر، وإنما تعني أن القيادة الفلسطينية تتعامل مع منطق القانون الدولي (على ظلمه) الذي أقر إنشاء دولة (إسرائيل) ومن هنا فقط نبدأ الحوار لا من منطلق الرواية التوراتية (و المأخوذ عنها الرواية العربية الإسلامية التي تسبح في مستنقع الرواية التوراتية) التي تسود اليوم محاولة حمل الفكرانية (الايدولوجية)المشبعة بالخرافات و الأساطير على أجنحة سياسية .من هنا نبدأ أي من (النكبة) عام 1947 و ليس قبل ذلك ما يثبت اليوم من خلال الأبحاث الحديثة و الدراسات وعلم الآثار كذبة وتلفيقية وأسطورية ما يدّعون، فلا أرض كانت لأحد غيرنا و لا شعب تشكل غيرنا، و ما صناعة التاريخ إلا أدوات تزوير أتقنوها فيما يقول الله تعالى عنهم أي عن كهنة اليهود (يحرفون الكلم عن مواضعه) هذا عن تحريفهم لكلام الله فكيف بالتاريخ صناعة البشر؟من هنا نبدأ نعم! لان الغرب هو مَن صنع (إسرائيل)، وهو بالتعاون مع الحِراك الصهيوني مَن اخترع كلّ من الأرض والشعب معا (يراجع شلومو زاند في كتابيه اختراع الشعب اليهودي واختراع أرض إسرائيل ، و يراجع فلنكشتاين في كتابه التوراة مكشوفة على حقيقتها ، ويراجع فاضل الربيعي في ما كتب عن يهودية الدولة ، وما كتبناه أيضا )إن البعد السياسي و الاستعماري الاستكباري كان أهم بُعد من الأبعاد التي صنعت نكبة فلسطين لأهداف ما عادت غائبة عن العقل الحر:عمدت القوى الاستكبارية الاستعمارية إلى تفتيت الأمة العربية و الإسلامية، و القضاء على أي محاولة لتقاربها أوتضامنها أو وحدتها من خلال زرع هذا الكيان في فلسطين، وبالتعاون الوثيق مع الحركة الصهيونية ....هدفت ذات القوى منذ عصر نابليون وما تلاه للسيطرة على ثروات هذه الأرض ، وعلى طرق التجارة، والأهم على عقول الناس في منطقتنا وتوجهاتهم وإبقائهم (واقناعهم بذلك) في خندق الجهالة والاستهلاكية والانبهار بالغرب والدونية له.إيجاد بؤرة توتر دائمة أصبحت بانتقال الاستعمار من بريطانيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية تعرف بهدفين كبيرين هما (النفط وأمن "إسرائيل") ليس فقط لأنها القاعدة العسكرية – العلمية – التقنية الفكرية المتقدمة، وإنما لأنها الذريعة المستمرة للسيطرة اللامحدودة على هذه الأمة بكاملها.إن عقلية حروب الغرب اتجاه الشرق ، أو عقلية الغزو والاستيلاء على أراضي و ثروات و مقدرات وعقول الغير لم تبارح الفكر الغربي الاستعماري (الكولونيالي الجديد) مطلقا، وهو الغرب الذي أنتج فكره السقيم ما أسماه كذبا (الحروب الصليبية) وما هي إلا حروب استعمارية اقتصادية سياسية لم يكن للدين المسيحي فيها أي علاقة سوى علاقة الاستغلال والمطامع و التجييش للناس البسطاء في حروب لا ناقة لهم فيها و لا جمل .لم يتوقف العقل الغربي المكابر عند حد احتلال أراضي الغير بمنطق (استعمارها ) ما هو تدميرها و احتلالها واغتصابها، ولم يعجبه سعي الشعوب لنيل حريتها واستقلالها وبناء ثقافتها وحضارتها المميزة، فصنع مركبته الفضائية في سماء الأمة وموضعها حيث يقطع الصلات، وحيث أعاد ربط الخريطة بشكل تعسفي بالجغرافيا التوراتية المزورة وشكل هو (قبل أن ينخرط معهم رجال الصهيونية) معاني الخلاص المسيحاني الموهوم و الأرض المكذوبة الموعودة في فلسطين.