بقلم عضو المجلس الثوري / المحامي لؤي عبده

 

قيل ان السيطرة على القلعة يتم بالسيطرة اولا على حراسها كان المطلوب اساسا للسيطرة على فتح من اولئك الذين سعوا لهذا الغرض، القيام بادوار متعددة فاتبعوا نظرية السيطرة اولا على الجزء الى ان تؤدي الوصول الى الغرض المذكور .

بالبداية كان المطلوب السيطرة على هذا الجزء الذي يشكل المفصل، او الذي يمكن من خلاله السيطرة على الكل (( كل فتح )) طالما كان هذا الكل يوظف للثورة والنضال اصلا .

والحقيقة يجب ان تقال التحويل الذي جرى للحركة وفي الحركة كان عبر هذا الجزء المؤمن بالتسوية الممكنة والمساعي الجارية لتحقيقها وقد تم هذا التحويل بدمج الكل في السلطة بعد انشائها للقيام بالمهمة الرئيسية ودمج الجميع بها والالتزام بسياساتها الخ...

اي من خلال هذا تصبح فتح حركة تحرر ديمقراطي تلتزم بقواعد اللعبة السياسية وقد اصبحت هذه الحالة الصريحة واقع حقيقي شاهدنا تفاصيله وهناك من لا يدرك ذلك، لانه اصبح طيعا مطيعا، واصبح ايضا لدينا في هذا الواقع المخدوع بجسم يمكن ان نطلق عليه كلمة ((موالاة)) عقد المؤتمر العام السادس للحركة ... حمل المعاني الكثيرة والمؤشرات التي تجسد هذه النظرية المذكورة ونتائج هذا المؤتمر، والغضب الذي خلفه من ورائه، علما ان الجميع سواء كان في داخل هذا المؤتمر او خارجه لا يملك حلا سحريا للمعضلة، وان اصبح هناك اطر جديدة وقرارات وتوصيات ذات ابعاد قد تتحقق لاحقا

هذا العصر الامريكي الاسرائيلي الصهيوني لا يحتمل وجود حركة تحرر وطني ... لا هنا في فلسطين ولا هناك في الوطن العربي، تقارع الاحتلال او الدكتاتوريات الحاكمة، والمصالح الامريكية والراسمالية في المنطقة، بالتالي وجدوا انفسهم امام ضرورة اجراء تغيير للفكرة والممارسة ومن ثم احتواء ذلك، الحاجة الاجتماعية، والرغبة الشديدة بالبقاء تحققت نظرية الجزء الذي ادخلو في مسرب اللعبة السياسية ومن ثم حاول هذا الجزء ان يدخل الاجزاء الاخرى اي ( الكل ) في نفس الطريق، ومع مرور السنين اتضحت الصورة للجميع ولكن المفاجئة الحقيقية ان هناك من خرج الى السطح واصبح ملائما لمصالحهم مصالح الغرب واسرائيل المحتلة، واخذ هذا بالتوسع والتمدد، والان هو البديل المقبول في المنطقة، وبالتالي سيتم التخلي عن الذي قاد العملية السنوات الماضية اي ان الخيار سيكون لحركات التحرر الجهادي الصاعدة الى الحكم في الوطن العربي مما يعني انهاء حركات التحرر الوطني لعدم تحولها الى التحرر الديمقراطي امام تلك الحركات التي لديها الامكانية ان تحقق الكثير الذي ينسجم مع تلك المصالح .

مما يعني ان النضال الوطني الذي يؤمن ان الارض هي الوطن، وحق تقرير المصير حق اساسي من حقوق الشعوب للعيش بحرية وكرامة واستقلال،

اما القادمون الجدد تحت عنوان التحرر الجهادي يعتبر ان الوطن هو العقيدة، والدعوة وسيلة هذا الوطن للوصول الى حالة عامة، اممية، حتى لو كانت عبر الاتفاق والتفاهم مع الطاغية العالمية بالتالي بدا عصر جديد وربما طويل جدا، واصبح هناك حصار فكري ومصالحي سيضرب حول حركات التحرر الوطني واعتقد انه بدا في بعض الدول، وسيبدا هنا مع اول فرصة ديمقراطية انتخابية ولا نعتقد ان الجزء الذي يسيطر على الامور لديه حلول فعالة، او شاملة وسيبقى يعمل بالمفرق لا بالجملة، الى حين .

مما يعني ان النتائج غير مضمونة الاتجاه، وبالتالي سندخل مرة اخرى بتجربة جديدة، وربما في تحولات كبيرة، ستجري قريبا، وهناك من يعتقد ان امكانية استباق المتوقع قبل حدوثه باتخاذ اجراءات وخطوات متفرقة سيعيق من حدوث هذه التحولات .

ان دخول حركة تحرر وطني طريق الاحتمالات والمراوحة المكانية، بسبب الجزء الموعود بتسوية ما، واحدة من معضلات الصراع الذي نعيش بل ثقافة سياسية ثبت عجزها، وسمحت بالبديل ان يخرج الى السطح ويحقق ذاته، هذا ناهيك ان السلطة الوطنية محاصرة وعاجزة عن تقديم الحلول لان هناك اطراف كبيرة في المنطقة والعالم واسرائيل، اغرقوها بالازمات والمشكلات الاخذة بالانعكاس السلبي المستديم على شعبنا الذي يتطلع الى المستقبل بعيون الامل .

ان التحول العربي للنظام السياسي لم يعد مجهول الهوية شكلا ومضمونا في بعض الاقطار العربية وبدون ادنى شك ان هذا التحول سينعكس على قضيتنا ومستقبلنا ومايجري في بلادنا فلسطين سواء كان سلبا او ايجابا، وتقاطع المصالح او تناقضها سيحدد نوع العلاقة بعد ذلك .

الشيء العظيم في تاريخ الفكر النضالي الفتحاوي ان فتح حددت العلاقة مع الوطن العربي والامة العربية وقالت انه علاقة عضوية مصيرية، وجاء هذا في نص واضح، ان فلسطين جزء من الوطن العربي وان الشعب الفلسطيني جزء من الامة العربية وراحت الى ابعد من ذلك عندما دعت الى ان العودة طريق الوحدة وان فتح جزء من حركة التحرر العربي، بعد هذه السنين الطويلة وعقود من الزمن المليئة بالتجارب والخبرة والمعرفة كيف ستخاطب فتح المستقبل ؟ مستقبل العلاقة مع الوطن العربي وامتنا العربية ؟

الجواب قيل تاريخيا في واقع الصراع وجاء في ادبيات الحركة وبرنامجها السياسي وقرارات وتوصيات مؤتمراتها واطارها القيادي، ولكن ماهي الالية التي يجب اتباعها من جديد بعد كل التحولات التي جرت ؟!

فتح حكمتها تكمن في اتباع طريق المرونة داخليا وخارجيا، ولكن فتح تدعو اليوم وبعد ان اصبح مركز قرارها داخل الارض المحتلة، وثقل وجودها ايضا، بوضع سلم الاولويات، لا ان تبقى المسالة موضع اجتهاد لهذا وذاك وهذه الاولويات، تبدا ببرنامج الدعم المادي والمعنوي الدائم من هذه الدول للعمل الفلسطيني وفي مقدمته الدعم المالي والاقتصادي الواسع والصادق لتعزيز الصمود والتحدي والكفاح الوطني، خاصة وان حكومات الاحتلال الاسرائيلي خدعتنا بالتسوية، ومن ورائها الولايات المتحدة الامريكية مع الحفاظ على اصرار فتح التمسك ببرنامجها السياسي قولا وعملا، والعودة الى النضال المباشر مع العدو المركزي بوسائل واقعية وعملية وعدم الافراط باللهو، والكذب والتكتيك الذي بات لا يطاق كرواية، وسلوك حتى لو ادى ذلك الى التغيير الجذري باطرها القيادية، طالما ان حصار التسوية قد استحكم بنا ولم يعد هناك من مخرج .

نحن بحاجة ماسة الى هذا الدعم والاستفادة من التحول العربي، لفقداننا على الساحة لميزان قوى حقيقي، ولما جرى لتغيير النهج بالتحرر الوطني نتيجة لظروف نحن غير قادرين لوحدنا من تجاوزها وفي مقدمة ذلك الظروف الاجتماعية والاقتصادية وهي الخطر المؤثر سلبا على ارادتنا وكفاحنا الوطني .

اسرائيل ماضية بسياساتها العدوانية الاستعمارية، ومازالت تتجاهل قضيتنا الوطنية واثقلتنا بالهم الحياتي الاجتماعي، وخدعتنا بامر التشويه، ولا يمكن ان يستمر الحال على ماهو عليه عقود اخرى، تحت مسمى المفاوضات والسلام، والتشويه وماالى ذلك وتضيع قضيتنا الوطنية في هذه المحاور وغيرها من صراعات جانبية، ومازلنا في منتصف الطريق، ولم ننجز مشروعنا بالحرية والاستقلال والعودة .

الامر الذي يحتاج الى مخرج حقيقي وليس دبلوماسي او اعلامي باهت وممل ومضلل، النصر لشعبنا وليس لهؤلاء الذين خدعوا انفسهم ومازالوا .

بالتالي حكمة فتح انها ستعمل على الاستفادة المطلقة من التغيير العربي ومايحقق امانينا المشروعة .