بقلم عضو المجلس الثوري / المحامي لؤي عبده

 

فلسطين التاريخية او فلسطين التسوية السياسية للوصول الى السلام مع ما حل مكانها بالنهج والواقع المعاشين، سيكون اضحوكة في التاريخ، بل خدعة وقعت بها فئة تواقة ان تعبر التاريخ من خلال نظام سياسي مجهول المصدر والبقاء، ضعيف الاحتمالات بالبقاء والمضي بالتحرير .

الرموز والنجوم الذين ظهروا على سطح الواقعين الفلسطيني والعربي لم يكن ذلك لولا فلسطين القضية والشعب والنضال الوطني هذا المنهج الذي اظهرهم وجعل منهم رموزا ونجوما في السياسة والمجتمع والاعلام

اما اليوم الذي انهار امام تعقيد الصراع والواقع اولئك الذين سعوا وراء التناقض الثانوي ان يعلو على التناقض الرئيسي لتحقيق هدفين سواءا كانوا افرادا او جماعات جاؤوا من هنا او هناك، الاول سياسي والثاني قيادي ( نجومي)

السياسي كي يحققوا من ورائه فراغ على الساحة الفلسطينية مما يعمق الهوة والياس وعدم الثقة بجهود العمل ونتائجه المستقبلية .

القيادي حتى يحصلوا على الشرعية ويجعلوها في مرمى الجميع، مما يؤدي الى تعميق الهوة مع جماهير شعبنا ثم ضرب الثقة وما ننادي له سياسيا ونضاليا .

ومع تقدم وسائل الاعلام والاتصال والتكنولوجيا اصبح من السهل تصعيد الحرب النفسية ووسيلتها حرب الاشاعة والتشهير والتشويه، وتحقيق الغايات المغرضة والاهداف القريبة من ورائها تلك الاشاعة التي عبر اسلوب سرد الرواية والمعلومات المصحوبة بالمشاعر الشخصية الثارية والانتقامية .

وفي حالة نحن ابناء الشعب الفلسطيني مازال المشهد مستمر بالعرض على مراى الجميع فهناك من الرموز التي رحلت ولم يبقى منها احد وهناك من سقط عن سطح الواقع لتناقض الفكرة معه، ولتغيير القيم والاخلاق والمعايير والاسس، ولانتشار الانتهازية والانتهازيين في مجتمعنا وحركاتنا واوساطنا، ولما نزل من لعنة علينا وقسوتها، ولضعف المتحدثين باسم الوطن والشعب وارادة الاحرار .

جاءت فتح وقالت ان لم يكن باللسان ( اي بالكلام والحوار ) فبالسيف ( اي بالعنف والدم ) وان لم يكن .. فبالقلب ( بالحب والصبر ( .

ايهما سيختار مناضلي فتح من اجل مواجهة هذا الالم الفظيع المنتشر بالجسد ؟ لاحداث تغيير بالنهج والطريق واسقاط النجوم السريعة التصنيع مثل حليب البودرا عبر تلفزة فضائية مغرضة مهمتها غسل الدماغ وتغيير الوجوه، وخاصة مع انتشار وسائل الاتصال والمواقع الالكترونية وفلتان الفيس بوك ( التواصل الاجتماعي ) وكلها ادوات صنعتها الراسمالية العالمية والصهيونية الخبيثة لاستكمال واستمرار السيطرة على شعوب العالم الثالث في جميع الاوطان الفقيرة، بهدف الاستيلاء على خيراتها ومقدراتها الاقتصادية والطبيعية والانعام بها في بلادها الاستعمارية .

اليوم كلنا في مرمى الاشاعة والحرب النفسية وغسل الدماغ وشطب الثقافة والقيم الاصيلة ليحل مكانها نظام الوجبة السريعة المسرطنة، عجزت كل قوى المجتمع العربي ان تواجه هذه الحقيقة، وعجز معها زعماء النضال والجهاد، والقيادات المستحدثة عبر هذا النظام العالمي الجديد، والعولمة الاستعمارية المهيمنة القادرة ان تصل الى الجميع وتحقق الكونترول عليه، سواء كانوا قادة او حركات او احزاب سياسية ،او حتى مؤسسات وقصور، ومنازل ومدارس وجامعات .

نحن اليوم في عصر فلسفي معقد غير قابل للمعرفة السريعة، بل وغير قابل للتغيير والحماية والوقاية، والخاسر الوحيد منه الذي يسعى الى الحرية والكرامة والشرف طالما غسل العقول وتغيير الثقافة بات مسيطرا عليه ويحدث بسرعة الضوء والصوت، حركات التحرر الوطني والاجتماعي والاصولي والثقافة الوطنية والقومية والدينية في مرمى هذه العولمة، وقدراتها الغير محدودة ويمكنها ان تجعل شعوبها في نهاية السلم حضاريا واقتصاديا وثقافيا، وفي ظروفنا ومستوى معيشتنا وحاجات الحياة والبقاء الاجتماعي، لا يمكن لسلطة ( نظام ) او حركة ان تستمر وحجم الهيمنة والعداء والسيطرة بهذا المستوى، ومازلنا نقف متفرجين عاجزين عن احداث تغيير في صفوفنا، لا باللسان ولا بالسيف ولابالقلب بالتالي ماالعمل ؟

ثلاث مناخات تؤثر بنا نحن الفتحاويين في فلسطين المحتلة، مناخ السلطة، مناخ الاحتلال، مناخ فتح الغير مستقر، الى اي مناخ سنلجا في نهاية المطاف ؟

هناك من ينادي بانهاء السلطة لعدم تحقيقها مانطمح اليه، وهناك من ينادي ان يعود الاحتلال العسكري الاسرائيلي الى كل اجزاء الحياة لكي يضمن مستوى معيشي افضل مما هو قائم، وهناك من ينادي اللجوء الى فتح الحركة التي وعدت شعبها بالحرية والاستقلال .

وامام هذا وذاك فان الحكمة ان نتمسك بما بدانا به، ونواصل الطريق من اجله، وهؤلاء الذين جاؤوا وجلسوا على صدورنا حاملين رايات الاستسلام وشعاراتهم المشبوهة، ان يرحلوا وان نعيد للواقع حقيقته، ونغادر طريق الوهم والخوف والبحث عن وظيفة براتب متقطع مصدره الادارة الامريكية وتل ابيب .

مستفيدين من التجربة، يقظين من واقع مخترق، اذكياء باستخدام الوسائل الحديثة جبارين بالتحمل والصبر، قادرين على رؤية الامل اذا عدنا الى وسيلة الحجارة، فسنقلق مضاجعهم واذا عدنا الى وسيلة السيف والنار سنوقف تقدمهم وتسلطهم واستعماريتهم لارضنا، واذا وحدنا انفسنا سنجبرهم ان يحترمونا ويتعاملوا مع بسطار مقاتلينا واذا اوقف الكذب والنفاق والانتهازية والامراض الاخرى وفي مقدمتها شغف الامتيازات واصحابها سنجعلهم يقفوا على قدم واحد .

واذا استخدمنا وسائلهم خير استخدام بالزراعة والصحة والتعليم والثقافة والحقيقة التي تقول ان الصراع المركزي مع الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والدفاع عن الارض فقط ستحصل الصحوة، والنهضة، والخروج مما بلانا به طبقة المصالح، والمحفل الامريكي الغير مرئي، والذي يخرج علينا على شكل نجوم ..

ثقافتنا هي الحقيقة ونضالنا هو الطريق وحقوقنا الوطنية الثابتة هي الهدف وغير ذلك وهم وسراب، وهؤلاء الذين يعتنقون الفهلوية، والبرغماتية والنفعية الذاتية مجرد موسم قصير الامد لا مكان له في تاريخ اعظم حركة تحرر وطني في التاريخ الحديث واعظم قضية شعب وارض في تاريخ الامة والعالم .