في إحدى اللقاءات الإذاعية، أشارت إحدى الشخصياتالوطنية في تعليقها على حديث دار حول قطاع غزة وتأكيدا على معزة القطاع بالقول إنغزة هي وطن الفلسطينيين الثاني!.

استذكرت عندها ما تهكم به أحد الأصدقاء قائلا إنالفلسطينيين محظوظون، فهم جاهدوا في العقود الثلاث الماضية من أجل حل الدولتينفوجدوا أنفسهم أمام حل الثلاث دول: دولة الضفة الغربية، ودولة غزة، ودولةالاحتلال.

الحديث على مرارته يعكس حالا مؤلما للفلسطينيينالذين عاشوا بعد نكبة أهلهم بعقود نكبة جديدة ولدها الانقسام، فبتنا بعد رفضمستميت نتعايش مع مصطلحات مؤلمة.

إذ باتت المحرمات مسلمات بعد أن شج الانقسامرؤوسنا، صرنا نقول حكومة غزة وحكومة الضفة، حكومة تسيير الأعمال والحكومة المقالة،(مجلس) تشريعي الضفة وتشريعي غزة، شرطة رام الله وشرطة غزة، قوانين الضفة وقوانينغزة، نواب الضفة ونواب غزة.

فلم نعد نرتعد كثيرا عندما يأتي يوم الأرض فيحشدالمحتل جيشه على مداخل المدن ونخرج نحن في مظاهرات عدة ويأتينا المتضامنون منأصقاع الأرض ويقفوا على حدود الوطن وفي مقابلهم جيش آخر من المتضامين في قرىالجدار البطلة، بينما تغرق غزة في الظلام ويعاني أسرانا الجوع ولا نهتز ألما على استمرارالانقسام!.

هذا المشهد الذي كان أقرب إلى سابع المستحيلات، باتاليوم واقعا فظا وعصرا حجريا نعيش ونتعايش معه في كل لحظة يطول فيها الانقسام.

أما سقطات اليوم الإعلامية المرفوضة فستصبح أمرااعتياديا غدا، ونكات المتندرين المؤلمة فستصبح مادة تقليدية خلال أيام بينما يستمرالناس في الموت جراء الحصار أو عدم تمكنهم من الخروج من غزة للحصول على العلاجاللازم، أو تحت انهيارات أنفاق الموت، أو احتراقا أمام شموع أرادت أن تملئ حيزالصمت والعتمة التي فرضها انقطاع الكهرباء، فانتهى المشهد باحتراق أطفال أبرياءولدوا في زمن خاطئ مليء بالخطايا.

هنا نفهم كيف كان لغزي ما أن يشتكي بأن هناكحكومتان ورئيسان للوزراء وقائمة لا تنتهي من الوزراء، بينما يعيش هو وعائلته دونكهرباء أو أمل أو حتى ربع كرامة، وحسرتاه!.