عيون الداخل والخارج على مخيمات وتجمعات اللاجئين الفلسطينيين في صور. عدد هؤلاء يقارب الخمسين ألفاً، أضيف إليهم نحو ألفي عائلة نازحة من سوريا.

تتكيف مخيمات المنطقة مع محيطها البشري والسياسي إلى حد مقبول. كما يساهم التعاون والتنسيق، الذي ارتفع منسوبه مؤخراً، بين القوى الرئيسية في المخيمات وفي مقدمتها حركتا «فتح» و«حماس» والقوى الأمنية اللبنانية، وعلى رأسها الجيش اللبناني، إضافة إلى «حزب الله» و«حركة امل»، في تعزيز هذا التكيف.

وبالرغم من التخوف المستمر من وجود خلايا نائمة في تلك المخيمات ترتبط بجماعات متطرفة إلا أن العلاقة المتينة التي تجمع الجانبين اللبناني والفلسطيني تعزز الارتياح العام لديهما. ويبلغ التعاون الأمني الفلسطيني، المحصور عملياً بحركة «فتح» حالياً، والتي تفرض سيطرة شبه كاملة على المخيمات الرئيسية الثلاثة (الرشيدية - البرج الشمالي والبص) حده الاقصى مع الجيش اللبناني. فالمؤسسة العسكرية لا يوجد على لوائحها مطلوبون بأعمال إرهابية في هذه المخيمات، وإذا ما وُجدوا فيتم تسليمهم عبر «فتح»، التي سلمت قبل اكثر من شهر مشتبهاً به من مخيم الرشيدية، لم يثبت الى الآن تورطه بأعمال إرهابية.

وفيما لا ينفي المسؤولون الفلسطينيون والجهات الامنية اللبنانية وجود حالات سلفية دينية ظاهرة، وتحديداً في مخيم الرشيدية، تشتبه بعض الأجهزة الأمنية بعلاقة أفراد في مخيم البرج الشمالي بـ«فتح الإسلام» من خلال أحد الموقوفين من ابناء المخيم في سجن روميه، إلا أن الأجهزة لم تحسم المسألة بعد.

كما لا يغيب عن المصادر الأمنية تأثر بيئة مخيمات الجنوب بالتطورات في المنطقة، ولا سيما سوريا، التي ذهب إليها في وقت سابق ستة أفراد من المخيمات الثلاثة للقتال إلى جانب المعارضة السورية، عاد احدهم مؤخراً ويدعى ع. ط.

وازاء ذلك، تتسارع في مخيمات المنطقة وتيرة الاعمال التنسيقية بين القوى الفلسطينية، ومنها «حماس»، التي ساد نوع من الجفاء نحوها بعد موقفها المعارض للنظام في سوريا. إلا أن الأخيرة عملت على ردم هذه الهوة عبر القيام بإجراءات تعاون كاملة مع لجنتي التنسيق الفلسطينية الفلسطينية والفلسطينية اللبنانية، وانخراطها عملياً في القوة الأمنية في مخيم الرشيدية، التي تشكلت من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وقوى التحالف، وصولا الى رفعها شعارات في المخيمات تشدد على الوحدة بين اللبنانيين والفلسطينيين وتدين التفجيرات الإرهابية.

في المقابل، تبدو العلاقة بين حركة «فتح» والقوى اللبنانية، لا سيما «حزب الله»، أكثر تتطوراً على المستويات كافة، إذ وصل الأمر إلى إحياء «فتح» ذكرى انتصار الثورة الإيرانية في مخيم البص بمشاركة الحزب عبر نائبه نواف الموسوي، في ظل ارتياح بارز لـ«حزب الله» من تطور هذه العلاقة.

وعلمت «السفير» من مصادر فلسطينية وجود توجه فعلي لدى السلطة الفلسطينية لتطوير النشاط الأمني والاجتماعي في المخيمات، عبر ايجاد فرص عمل للشباب الذين يندفع بعض العاطلين عن العمل منهم الى الالتحاق بجماعات متطرفة من خارج بيئة المخيمات، وذلك عبر درس ضم ما بين خمسمئة الى ألف شاب إلى صفوف حركة «فتح» والفصائل الاخرى من جميع المخيمات في لبنان، لتخفيف العبء الاجتماعي والاقتصادي، على ان يراعي هذا التوجه بشكل رئيسي الفئة المتعلمة.

يحرص أمين سر «فتح» في منطقة صور توفيق عبدالله على إظهار التعاون القائم بين الفلسطينيين من كل انتماءاتهم والسلطات الامنية اللبنانية والقوى السياسية. ويقول: «هناك تنسيق دائم وتعاون مستمر بيننا وبين الجيش اللبناني والاجهزة الامنية الاخرى، من اجل الحفاظ على امن المخيمات الفلسطينية ومحيطها اللبناني ومنع اي تعكير لصفو العلاقة بين الجانبين في المنطقة». كما يؤكد أنه «لا يوجد اي مطلوب بأعمال إرهابية في مخيمات صور وأي مشتبه او مدان بمثل هذه الاعمال يتم تسليمه الى الجيش اللبناني، لأننا حريصون على أمننا وأمن إخواننا اللبنانيين».

لا يخفي عضو القيادة السياسية في حركة «حماس» جهاد طه «النقزة» التي سببتها مواقف «حماس» من الازمة السورية وانعكاسها في تلك المرحلة على علاقاتها مع عديد من القوى اللبنانية، مؤكداً وجود المزيد من التحسن في تلك العلاقات في الوقت الراهن.

ويؤكد طه أن التنسيق مع الأجهزة الأمنية اللبنانية يتم بشكل إيجابي، وأيضاً التعاون والتنسيق مع الاحزاب والقوى اللبنانية، وفي طليعتها «حزب الله» و«حركة أمل»، من أجل تحصين الساحة وخدمة الشعبين اللبناني والفلسطيني، ورفض كل أشكال الفتنة.