هل يكون الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة  العربية أولوية لديه ولدى إدارته؟.
مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير 2025 لولاية ثانية، تتجدد التساؤلات حول سياساته الخارجية، وخاصة موقفه من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، فهل سيمثل إيجاد حل عادل وشامل يضمن الأمن والسلام والاستقرار في الشرق الأوسط ركنًا من سياسته الخارجية هذه المرة؟ وهل سيغير ترامب نهجه السابق ليشمل رؤية أكثر توازنًا؟
تساؤلاتٌ تنتظر الإجابة من الرئيس وإدارته، لكن إرث ترامب في السياسة الخارجية خلال ولايته السابقة لا يبشر بالخير، فقد كان متهمًا ومتصفًا بالانحياز الواضح لإسرائيل، حيث ركز على تعزيز مصالحها ودعمها، مع تجاهل المطالب الفلسطينية الجوهرية،  ورغم أن عودته للرئاسة تأتي اليوم في سياق دولي جديد، فإن مواقفه السابقة قد تشكل نقطة انطلاق لتحليل ما يمكن أن يفعله خلال ولايته الحالية.

- المعطيات الجديدة والمؤشرات المحتملة:

1. المناخ السياسي والدولي بعد 2025: تطورات الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، الوضع على الأرض يشهد مزيدًا من التعقيد والتصعيد، خاصة مع تصاعد الاستيطان الإسرائيلي، والعدوان على قطاع غزة وما أحدثه من قتل وحرق وخراب ودمار. وغياب أي مفاوضات فعلية تسعى لإنهاء الصراع. إن عودة ترامب قد تواجه تحديًا جديدًا يتمثل في احتواء أي  تصعيد محتمل بين الطرفين.
تأثير الدور الإقليمي للصين وروسيا، مع تزايد انخراط هاتين الدولتين في الشرق الأوسط، قد تحاول إدارة ترامب تقليص نفوذهما من خلال عرض مبادرات جديدة أكثر مرونة وأكثر قبولاً من قِبَل  دول المنطقة لتحقيق الأمن والاستقرار فيها.

2. سياسات ترامب المتوقعة: من المتوقع إحياء "صفقة القرن" بتعديلات شكلية، ومن المحتمل أن يحاول ترامب إعادة طرح رؤيته السابقة، مع تقديم بعض التعديلات الطفيفة عليها لتبدو أكثر قبولاً دوليًا، لكن هذه التعديلات قد تظل بعيدة عن تحقيق المطالب الفلسطينية الجوهرية.
كما أن التطبيع الإقليمي العربي الإسرائيلي، سيبقى أولوية بالنسبة له ولإدارته، لذا  يتوقع أن يستمر ترامب في التركيز على توسيع اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل ودول عربية كبرى أخرى للانضمام إليها، ظنًا منه أن ذلك سيؤدي إلى الاستقرار والازدهار الاقتصادي، دون حل للقضية الفلسطينية أو بقاء الحقوق الوطنيةالفلسطينية معلقة.
يُضاف إلى ذلك التوجه الاقتصادي والأمني، قد تسعى إدارة ترامب إلى تسويق حلول اقتصادية كمدخل لتحقيق "السلام"، مثل زيادة الاستثمارات في الأراضي الفلسطينية أو تقديم وعود بإعادة بناء البنية التحتية المدمرة في كل من غزة وكذلك الضفة الغربية، مقابل تنازلات سياسية من الجانب الفلسطيني.

3. التحديات أمام حقوق الفلسطينيين: رغم تغير الظروف، فإن موقف ترامب وفريقه، يظل متحيزًا لإسرائيل، مما يجعل أي مبادرة لحل الدولتين تتطلب ضغطًا دوليًا وعربيًا قويًا لضمان شموليتها وعدالتها وفرض التحول في مواقف ترامب وإدارته منها.
ومن غير المرجح أن يمثل إيجاد حل عادل وشامل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي أولوية رئيسية لترامب، بناءً على تاريخه السياسي وخطاباته الحالية. بدلاً من ذلك، قد تكون سياسته مدفوعة بـ:
تعزيز مصالحه السياسية الداخلية من خلال إرضاء اللوبي المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة.
ويتم استخدام قضايا الشرق الأوسط لتحقيق مكاسب دبلوماسية تخدم استراتيجية أوسع تجاه منافسيه الدوليين في المنطقة (الصين وروسيا).

- على الرغم من أن ترامب قد لا يضع السلام كأولوية، فإن هناك بعض العوامل التي قد تضغط عليه للتحرك نحو تسوية أكثر توازنًا منها:

1. الضغط الدولي والعربي خاصة، وضغط من الإتحاد الأوروبي، قد يجبر إدارة ترامب على تعديل مواقفها تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

2. تصاعد التوترات الإقليمية في المنطقة: أي تصعيد كبير قد يحصل في الأراضي الفلسطينية، قد يفرض على إدارة ترامب لعب دور الوسيط وكتم التصعيد، حتى لو كان بشكل محدود.

إذا ركزت إدارة الرئيس ترامب على التعاون الاقتصادي في الشرق الأوسط، فقد يصبح تحقيق الاستقرار الإقليمي فيه هدفًا استراتيجيًا، وهذا يقتضي إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يضمن الأمن والسلام والاستقرار والازدهار.

ختامًا، نقول إن عودة ترامب إلى البيت الأبيض عام 2025 في ولايته الحالية لا تعني بالضرورة تغيرًا جذريًا في سياساته تجاه الصراع (الفلسطيني-الإسرائيلي)، ومع ذلك، فإن الظروف الدولية والإقليمية قد تفرض عليه التحرك نحو مبادرات تروج للسلام، وإن كانت على الأرجح تميل إلى الإنحياز الدائم لدعم إسرائيل أكثر من الفلسطينيين.
إن أي خطوات لتحقيق حل عادل وشامل ستتطلب ضغطًا دوليًا وعربيًا قويًا على إدارة الرئيس ترامب، لضمان مراعاة حقوق الشعب الفلسطيني، بما يشمل حقهم في العودة وإقامة الدولة المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.