مجلس الأمن يعقد جلسة مفتوحة بشأن القضية الفلسطينية

عقد مجلس الأمن الدولي، اليوم الإثنين، جلسة مفتوحة حول الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية، برئاسة وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، الذي تترأس بلاده مجلس الأمن خلال الشهر الحالي.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: إن اتفاق "وقف إطلاق النار" في قطاع غزة يقدم "شعاع أمل"، على الرغم من التحديات العديدة.

وأضاف: أن الأمم المتحدة تقوم بدورها لضمان التوسع السريع في العمليات الإنسانية، مشيرا إلى أن أكثر من 630 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية دخلت القطاع يوم أمس، بما في ذلك ما لا يقل عن 300 منها توجهت إلى الشمال.

وحث الأمين العام الأطراف على ضمان أن يؤدي هذا الاتفاق إلى وقف إطلاق النار الدائم في غزة، مضيفا "أنه يجب أن يُترجم على الأرض إلى أربعة إجراءات متزامنة على الأقل: يجب أن تكون كيانات الأمم المتحدة بما في ذلك العمود الفقري لاستجابتنا الإنسانية، الأونروا" - قادرة على أداء وظائفها دون عوائق، وتوسيع نطاق تقديم المساعدات والخدمات الأساسية يتطلب ظروفا آمنة وبيئة عمل مواتية، بما في ذلك السماح بمعدات الحماية والاتصالات واستعادة النظام العام، ويجب أن يتمكن الناس من الوصول إلى المساعدات المنقذة للحياة ويجب أيضا السماح للإمدادات التجارية الكافية بالدخول إلى غزة. ويجب حماية المدنيين، ويجب أن يكون لدى الساعين إلى العودة إلى مجتمعاتهم ممر آمن".

وأكد غوتيريش أن السلطة الوطنية الفلسطينية أبدت استعدادها لتولي دورها ومسؤولياتها في غزة وحث على تقديم "الدعم الجماعي" لإنشاء ترتيبات تمكن من إعادة توحيد غزة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وإداريا مع الضفة الغربية.

وأشار إلى أن الوضع في الضفة الغربية يستمر في التدهور بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية والتوسع الاستيطاني غير القانوني المستمر وهدم المنازل. وأضاف: "أنا قلق للغاية بشأن التهديد الوجودي لسلامة وتواصل الأرض الفلسطينية المحتلة في غزة والضفة الغربية".

وقال: إن "الموافقات على المستوطنات تسارعت وأن كبار المسؤولين الإسرائيليين يتحدثون علنا عن ضم كل أو جزء من الضفة الغربية رسميا في الأشهر المقبلة.

وقال: "أي ضم من هذا القبيل سيشكل انتهاكا خطيرا للغاية للقانون الدولي. ومن الواضح أن زيادة الاستقرار في الشرق الأوسط يتطلب اتخاذ إجراءات لا رجعة فيها نحو حل الدولتين".

بدورها، قالت وزيرة الدولة للشؤون الخارجية والمغتربين فارسين شاهين: إن "بارقة الأمل" التي بدأت تلوح في الأفق الآن، ونأمل أن تصمد وتنجح بما يؤدي إلى الوقف التام والنهائي لإطلاق النار وبلا عودة للعدوان والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وإرساء مسار سياسي مستند على قرارات الشرعية الدولية يؤدي إلى نهاية الاحتلال، وتنفيذ ما كان في فتوى مـحكمة العدل الدولية وفق قرار الجمعية العامة الداعي لنهاية الاحتلال خلال عام واحد".

وطالبت، في خطاب دولة فلسطين أمام المجلس، بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة بما في ذلك قرار مجلس الأمن رقم 2735.

وأكدت أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة، وأن دولة فلسطين هي صاحبة الولاية القانونية والسياسية على القطاع وكافة الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، مجددة الرفض القاطع "لأي محاولات لاقتطاع أجزاء من أرضنا أو تهجير أبناء شعبنا".

وقالت شاهين: "نؤكد أن الحكومة الفلسطينية جاهزة لتولي مسؤولية إدارة قطاع غزة إلى جانب الضفة الغربية، وذلك بالتعاون مع الدول والمنظمات الصديقة والشقيقة، بما في ذلك إعادة تقديم الخدمات الأساسية الصحية والتعليمية والمياه والكهرباء، وضمان عودة النازحين إلى منازلهم والتجهيز لمرحلة إعادة الإعمار".

وأكدت التزام الحكومة الفلسطينية، بإدارة المعابر بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي ومصر وفقا لاتفاق 2005. ورحبت بأي مساعدات في مجال تدريب وتجهيز قوات الشرطة والأمن الفلسطينية.

من جهته، أكد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة "طال انتظاره على خلفية تنفيذ المشروع الإسرائيلي في غزة تحديدا وفي المنطقة عموما".

وقال: إن غزة لم تعد كما كانت بعد ما طالتها "جرائم راح ضحيتها أكثر من 46 ألف شهيد أغلبهم من النساء والأطفال" وبعد الدمار المهول الذي لحق بها وهدم كافة أركانها ومقدراتها.

وأضاف: "وإن كان مجلسنا هذا قد عجز سابقا عن إنصاف الشعب الفلسطيني وإحقاق حقوقه، فالأحرى به اليوم ألا يفوت هذه اللحظة التاريخية الفارقة لتحمل كل مسؤوليته التي حملها إياه ميثاق منظمتنا هذه".

وذكر أن هذه المسؤولية لا تقتصر على معالجة تداعيات "العدوان الذي كابدته غزة"، بل تتعدى ذلك لتشمل التكفل بجوهر الصراع المتمثل في تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني.

وأضاف الوزير الجزائري: أن "اتفاق وقف إطلاق النار ليس نقطة الوصول، بل هو نقطة البداية، كما أنه فرصة يتوقف نجاحها أو فشلها على مدى استغلالها وتوظيفها والبناء عليها".

ودعا مجلس الأمن إلى تركيز جهوده في المرحلة المقبلة على ثلاثة مستويات رئيسية هي: الأول يتمثل في تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار ومتابعة تنفيذه، والثاني يتعلق بضرورة حرص مجلس الأمن على أن تراعي "ترتيبات اليوم الموالي في قطاع غزة"، إرادة الفلسطينيين وتكرس توافقاتهم وتحمي تطلعاتهم للمضي قدما في تجسيد مشروعهم الوطني، والثالث يرتبط بحتمية البناء على اتفاق وقف إطلاق النار ببعث مسار سياسي جدي تحت رعاية الأمم المتحدة بهدف حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

ووصف وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط هاميش فالكونر، اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بأنه "خطوة أولى حاسمة" نحو حل الدولتين، "ما يقدم الأمل ليس فقط للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، بل للعالم بأسره".

وفي إشارة إلى الظروف المأساوية في غزة، قال فالكونر إن المعاناة هناك "تكاد تفوق التصور"، مشيرًا إلى أن حلول فصل الشتاء قد زاد من تفاقم الأزمة الإنسانية. وأكد أهمية الاتفاق، موضحًا أن هذا الاتفاق يفتح الطريق أمام الناس لبدء إعادة بناء حياتهم.

ودعا المجتمع الدولي إلى بناء الثقة والحفاظ على الزخم لتحويل وقف إطلاق النار إلى "سلام دائم"، كما حذر من أن "الأونروا تواجه حافة الهاوية"، داعيا إسرائيل إلى عدم خلق المزيد من التعقيدات التي تعيق عمل الوكالة.

وقال: "ملايين الناس يعتمدون علينا"، مشددًا على مسؤولية المجلس بضمان وصول المساعدات الحيوية إلى المحتاجين. وأضاف: "يجب ألا نخيب أملهم".

وقالت نائبة المندوب الدائم للولايات المتحدة في الأمم المتحدة السفيرة دوروثي شيا: إن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة "تأخر كثيرًا".

وأوضحت أن الاتفاق سيوفر "مساعدات إنسانية ضرورية جدًا للمدنيين الفلسطينيين"، مؤكدةً أن "الوقت قد حان لجميع الأطراف لضمان وصول المساعدات الحيوية إلى المحتاجين في جميع أنحاء غزة".

وفي هذا السياق، حثت الدول على دعم هذا الجهد من خلال التمويل والموارد والمساعدة في زيادة المساعدات الإنسانية.

بدوره، قال المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة السفير فاسيلي نيبينزيا: إن غزة في حالة دمار، إذ أشار خبراء الأمم المتحدة إلى أن إعادة الإعمار ستستغرق سنوات، وهو ما يستدعي اهتمام المجلس بشكل وثيق، معربا عن ثقته بأن وقف إطلاق النار سيمهد الطريق لإعادة إعمار غزة.

وأضاف: أن وقف إطلاق النار في غزة يمثل مقدمة لتحقيق الاستقرار في المنطقة، كما أكد أن الهدف النهائي يجب أن يكون إقامة دولة فلسطينية، ما سيسهم في الحد من دوامات العنف.

وقال: "إنه واجب المجتمع الدولي بأسره حماية وقف إطلاق النار"، مؤكدا أن روسيا ستواصل لعب دورها في دعم الجهود لاستئناف المفاوضات وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ إلى غزة.

من ناحيته، حث المندوب الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة السفير نيكولا دو ريفيير، جميع الأطراف على تنفيذه اتفاق وقف إطلاق النار "بكامله".

وقال: "بالنظر إلى الوضع الإنساني الطارئ الشامل، فإن الوصول إلى المساعدات أمر بالغ الأهمية"، داعيا إلى إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق وفقًا للقانون الدولي، وأعاد تأكيد الدعم الكامل لفرنسا للعمل الذي لا غنى عنه لوكالة الأونروا.

وأكد: "يجب أن يكون مستقبل قطاع غزة جزءا من مستقبل الدولة الفلسطينية".