أكد الباحث في المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الاستراتيجية والمختص بالشأن الإسرائيلي الدكتور خليل أبو كرش، خلال اتصال هاتفي مع قناة "فلسطيننا" مع الإعلامية مريم سليمان، أن "العدوان الإسرائيلي" الجاري على شمال قطاع غزة يعيد إلى الأذهان مراحل الحرب الأولى بصورتها الأكثر شراسة، مشيرًا إلى ما يعرف بـ"خطة الجنرالات" التي تعكف على تنفيذها أروقة الحكم في "دولة الاحتلال". تقوم هذه الخطة على حصار الشمال بهدف تهجير سكانه وتجويعهم للسيطرة على المنطقة، ويقدر عدد الفلسطينيين الذين ما زالوا فيها بنحو ثلاثمئة ألف نسمة، وسط مساعٍ لترسيخ الاحتلال عبر تقسيم القطاع جغرافيًا وتركيز السيطرة على محاور استراتيجية مثل نتساريم ومنطقة فيلادلفيا.
وأشار الدكتور أبو كرش إلى ضرورة التمييز بين هدفين رئيسيين لـ"دولة الاحتلال": الأول يتعلق بتحقيق مكاسب ميدانية من خلال الطرد والتدمير الواسع، والثاني يتصل بخطة "اليوم التالي"، مبينًا أن ما يحدث على أرض الواقع يعكس تصورات الاحتلال لمستقبل غزة. وأكد أن "نتنياهو يرى في هذه الحرب فرصة لتغيير وجه الشرق الأوسط بأكمله"، في إشارة إلى اتساع رقعة المعركة لتشمل جبهات إضافية من لبنان إلى اليمن وطهران.
وأوضح الدكتور أبو كرش لـ"فلسطيننا" أن قضية الاستيطان في غزة ليست بالأمر الجديد، حيث سبق أن شهد القطاع وجود نحو اثني عشر ألف مستوطن قبل انسحاب الاحتلال. وأضاف أن هناك توجهاً داخل الحكومة الإسرائيلية، خاصة من التيار الصهيوني الديني، لإعادة المستوطنات في غزة كوسيلة لضمان السيطرة الأمنية وتثبيت مكاسب الاحتلال، مستندين في ذلك إلى خطة "الأصابع الخمسة" التي أطلقها أريئيل شارون في السبعينيات، والتي شملت إنشاء جيوب استيطانية في القطاع.
وحول جولات المفاوضات الأخيرة، أشار أبو كرش إلى أن الجولة الحالية، التي استؤنفت بعد توقف دام شهرين، تواجه صعوبات بالغة في ظل توسيع جبهات القتال، واغتيالات طالت شخصيات قيادية مثل الأمين العام لحزب الله، مما يدفع الاحتلال لاستغلال الوضع للضغط بهدف استعادة الرهائن. ومن الجانب الفلسطيني، تدير لجنة من خمسة أعضاء المفاوضات وسط غياب قيادة واضحة، مشيرًا إلى تحديات إضافية تتمثل في انشغال الولايات المتحدة بانتخاباتها، ما يقلل من فرص التدخل الفعال.
واختتم أبو كرش تصريحه بالإشارة إلى انقسامات داخل "إسرائيل" حول إدارة العدوان، حيث يشهد المشهد السياسي جدلاً بين وزير الجيش ورئيس الحكومة. وبينما يسعى نتنياهو إلى مواصلة التصعيد للبقاء في السلطة، تتزايد الخلافات حول قانون التجنيد الذي يرفضه الحريديم، ويؤيده التيار العلماني.