حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية الأميركية على الشعب العربي الفلسطيني في قطاع غزة للشهر التاسع على التوالي، التي ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى جلهم من الأطفال والنساء، شكلت محطة فاصلة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كونها كشفت للعالم كله حقيقة وجوهر دولة إسرائيل الخارجة على القانون، وأماطت اللثام عن وجهها الحقيقي دون رتوش أو مساحيق، وأسقطت المقولات الخادعة والكاذبة، التي روجها الغرب الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، التي حاولت جاهدة عبر فبركات وتلفيقات امبراطورية اعلامها الإيحاء للرأي العام الأميركي والغربي والعالمي عمومًا، ان إسرائيل هي الدولة "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، وأنها "واحة السلام والمدنية" في الإقليم، بيد أن حرب الإبادة الوحشة نزعت القفاز والقناع عن وجهها، وأظهرتها على حقيقتها عندما ادرجتها الأمم المتحدة على قائمة العار والجريمة المنظمة باعتبارها قاتلة للأطفال والنساء والأبرياء، وكونها جزء من المجموعات الإرهابية القاتلة للأطفال والنساء ك "داعش" وغيرها من المنظمات الإرهابية المتوحشة.

ونتاج هذه القناعة في أوساط الرأي العام العالمي عمومًا والنخب الأممية خصوصًا، ارتأت الأمم المتحدة ممثلة بشخص الأمين العام وصم دولة إسرائيل الخارجة على القانون الدولي بما يناسب واقعها كدولة وحشية وهمجية وقاتلة للأطفال. ولهذا قام مدير مكتب الأمين العام للأمم المتحدة قبل يومين الجمعة الماضي 7 يونيو الحالي بإبلاغ السفير الإسرائيلي جلعاد اردان هاتفيًا عن وضع الجيش الإسرائيلي أسوة ب"داعش" و"النصرة" و"باكو حرام" وغيرها من المنظمات الإرهابية في قائمة العار، التي سينشرها أنطونيو غوتيرش في 18 يونيو الحالي، أي بعد أسبوع من الآن.
 مما آثار سخط وغضب القيادات الإسرائيلية، فنشر السفير أردان على حسابه على منصة أكس الجمعة تسجيل فيديو لجزء من محادثته مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، ظهر فيه وهو يقول: "أشعر بصدمة عميقة واشمئزاز من هذا القرار المخزي الذي اتخذه الأمين العام"، وهو ذات الشخص الذي مزق ميثاق الأمم المتحدة قبل لحظة التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على أهلية دولة فلسطين للارتقاء لمكانة دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة.


وكان رد نتنياهو كالآتي، أن "الأمم المتحدة وضعت نفسها اليوم على القائمة السوداء للتاريخ، عندما انضمت إلى أنصار القتلة حماس". وأضاف أن "الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم، ولن يغير أي قرار وهمي للأمم المتحدة ذلك". في حين قال كاتس وزير الخارجية انه "عمل وضيع من الأمين العام، وسيكون له عواقب على علاقات إسرائيل مع الأمم المتحدة". وتابع "أن إسرائيل ترفض القرار باشمئزاز، وهذا دليل آخر على عدائها لإسرائيل وتجاهلها المتعمد" لهجوم 7 أكتوبر. وأدلى سموتيريش، وزير المالية بموقفه من القرار الأممي الشجاع بالقول: "مستقبلنا ومصيرنا في أيدينا". كما أعلن بن غفير معلقا "انضمت الأمم المتحدة الى حماس، وأصبحت متعاونة مع الإرهاب، أنه عار لا مثيل له. يجب أن يكون الرد على هذا الحدث الخطير قويًا، وأن يشمل فرض عقوبات على موظفي الأمم المتحدة". 
وهناك ردود فعل أخرى من القيادات الإسرائيلية من الموالاة والمعارضة ليست أقل رعونة وبشاعة من الردود الواردة أعلاه، وهو ما يكشف الحد الذي وصلت إليه الدولة النازية الإسرائيلية من الفجور السياسي والديبلوماسي والأخلاقي، وأكدت للقاصي والداني في العالم، أنها دولة عصابات لا تؤمن بالقانون الدولي، ولا تحترم إرادة المجتمع الدولي ولا ميثاق الأمم المتحدة، وقلبت المعايير بافتراض نفسها فوق القانون، وأنها هي الحكم، والتي تملي إرادتها على أعلى هيئة دولية، وعلى الرأي العام العالمي الرسمي والشعبي، ولم تحاول أن تتعلم لمرة واحدة من دروس التاريخ وتجربة الأنظمة السياسية الشبيهة بها بالمعايير النسبية، وتعيد النظر في سياساتها الإرهابية والاجرامية.


دولة إسبارطة الصهيونية اللقيطة بردودها الهوجاء أزالت كل المساحيق عن موقعها ومكانها كدولة منتجة للأرهاب المنظم وقاتلة للأطفال دون أدنى ضوابط قيمية وأخلاقية وقانونية، واختارت أن تكون في مزبلة التاريخ، لأنها متسلحة بالغطاء الأميركي، الذي يغطي عارها ووحشيتها ودونيتها. 
ودون الدخول بتفاصيل الرد على كل ما تفوه بها قادة عصاباتها، فإن القرار الرائع والنبيل للأمين العام غوتيرش والأمم المتحدة، يشكل رافعة هامة للنضال الوطني الفلسطيني، ويفترض بالقيادة الفلسطينية المراكمة عليه، وتعزيزه بالملاحقة الشجاعة في المنابر الأممية والمحاكم الدولية المرفوعة أمامها قضايا ضد الجيش الإسرائيلي ودولته لتعزيز حصارها وعزلتها ومحاكمة قياداتها كافة على جرائم حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب العربي الفلسطيني دون التوقف أو التراجع  والانتظار لمتاهة سادة إسرائيل في واشنطن، الذين هم عنوان الحرب والعدوان والتطاول على حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني، وعلى أعلى منبر أممي، وعلى الأمين العام للأمم المتحدة.