عندما تصبح إسرائيل مرجعية القرار السياسي للولايات المتحدة والأمم المتحدة معًا، ويسمح لإسرائيل بتغيير بروتوكولات كامب ديفيد وفقًا لسياستها القاضية باعادة احتلال غزة بدلاً من فك الحصار عنها لدواعي إنسانية على أقل تقدير، وتقوم الحكومة الإسرائيلية بنقض الطروحات التي قدمت لها عبر القنوات الضامنة للتوافق على الهدنة أمام أنظار العالم أجمع وبضمانة الولايات المتحدة ومصر وقطر إضافة للأمم المتحدة، وتقوم أهم منظومة أمنية بالتعهد لإتمام الهدنة ممثلة فى وليم بيرنز مدير المخابرات الأميركية لضمان تنفيذ بنودها فإن حالة مستهجنة تحدث على صعيد الوضع السياسي والأمني برمته وتدخل أنظمة المنطقة فى حاله البحث عن حمايات جديدة.

فلا القانون الدولي بات يشكل مرجعية ضامنة ولا التعهدات الأمنية باتت تشكل علامة ثقة عند الأطراف المتشابكة أو حتى المتداخلة، وأصبحت حالة انعدام الثقة تخيم على المشهد العام وسط ذهول جميع المتابعين وحالة استهجان شديدة طالت جميع المراقبين كيف لا، وما يتم التوافق حوله يتم نقضه حتى لو كان الضامن للورقة الرئيس الأميركية بصفته الشخصية "فلا كفيل الدفا يعد من الوجوه، ولا كفيل الوفا بين من الشيوخ" الأمر الذي سيجعل من الشعب الفلسطيني ينتفض ليأخذ حق تقرير المصير بذراعه بعدما خذلته الأعراف القيمية ولم تحميه القوانين الدولية وتريد وأد حلمه الاتفاقات البينية الأمر الذي يجعله يتجه تجاه حرب التحرير من أجل تقرير المصير.

وهو حق مشروع كفله القانون الدولي كما كفلته كل الأعراف والقيم الإنسانية التي أكدت على محتواه وعظيم مضمونه، فالشعب الفلسطيني لن تقتلع جذوره لأنه يشكل بداية الحياة وعنوان نهايتها بمكانة القدس ورسالتها ولن يبدد حلمه من تحقيق ذاتيتة السياسية في معركة هنا أو خذلان قانون هناك. فالثوار من تصنع القانون والبندقية من تحدد حدوده ولن تثنيه دسائس المصالح المشتركة من تحقيق حلمه مهما تكالبت عليه الظروف ونالت منه عظيم المحن، هذا لأن قضيته قضية عادلة والعدالة لا تهزمها القوة مهما غلت في غيها أو توغلت في أحقادها سيما وأن فلسطين تشكل عقيدة دنيوية عند كل من هو مؤمن بالعدالة وقيمها كما تشكل الأديان السماوية عقائد الهية فى عظيم أديانها فمن "حيث كانت فلسطين يبدأ العد".

أن تفهم القوى الإقليمية والدولية لدخول آلة الحرب الإسرائيلية إلى رفح بهدف تدمير الأنفاق الواصلة في الخاصرة الجنوبية كما تم فعله على الشريط المتاخم لغزة من الناحية الشمالية، وهو تفهم أمنى مفهوم لكن يجب أن لا يكون هذا التفاهم على حساب بوابه السيادة المأمولة للدولة الفلسطينية التي كان يعول عليها لتكون مدخل الميناء الجوى والبحرى الذي تقوم على تشغيله شركة أميركية لدواعي أمنية والذي كان يمكن أن يكون مع منظمة التحرير الفلسطينية لدواعي سياسية أيضا لاسيما أن حماس تقر بمرجعيته، أليس كذلك.

فإن بقى الشعب الإسرائيلي يجنح للتطرف ويذهب إلى صناديق الاقتراع للتصويت لعناوينه فإنه سيبقى في حالة عداء عميق مع المجتمعات المحيطة ولن تحميه الدروع السيبرانية ولا القبة الحديدية طالما لا يجنح للسلام ويقوم على نبذ التطرف بكل عناوينه ويحترم القانون الدولي الإنساني، فالإنسان الذي لا يحترم إنسانيته لا يحترم والمجتمع الذي لا يهتم بأمن جيرانه لا يعتبر جار والحكومة التي تعتبر الشعب الفلسطيني حيوانات بشرية ستكون فى حالة عداء مستمر مع الشعب الفلسطيني الذي مازال يقدم تضحيات منذ قرن وسيبقى حتى ينال التحرر والاستقلال.

حتى لو كان خصم الشعب الفلسطيني في مسيرتة قوى نفوذها أكبر من القانون الدولي وحظوتها نافذة على المحكمة الدولية وهو ما أظهره تيار الحزب الجمهوري في أروقة الكونغرس الامريكي الذي راح يقدم مشروع يلاحق أعضاء الجنائية الدولية لكفر الحقيقة وحماية مجرمي الحرب الإسرائيلية بطريقه مستفزه تحمل صيغة إرهاب دولة بطريقة صارخة وتتجاوز على القانون الدولي بطريقه مشينه وسط صيغ تبريرية أخذت تطمس عناوين الحقيقة وأجواء عامة باتت تقرن الحرية لفلسطين القضية، وهو ما راح ينشده الطلبة في جامعة كولومبيا بهتاف حيث تكون فلسطين يبدأ العد.