تكمن الهزيمة في نكران الواقع، وفي الهرب من سؤال الطبيعة: هل نحن اليوم بخير..؟؟ الاحتلال الإسرائيلي بات يهرس بجنازير دباباته، وسياساته العنصرية العنيفة، مختلف دروب حياتنا، وطائراته ومسيراته الحربية، تواصل بغاراتها سفح دمنا ليل نهار، لنا من الناجين في غزة أطفال يرتجفون هلعا، وجرحى في ممرات ما بقي من المشافي الخالية من أي مستلزمات طبية، وجياع وعطاشى في خيام نكبوية تتراصف هناك في جنوب القطاع الذبيح، فالبيوت تهدمت، وإعادة الإعمار إذا ما انتهت الحرب، باتت تحتاج إلى اجتراح معجزة أسطورية، في عالم لم تعد فيه المعجزات ممكنة ..!!

لن ننكر هذا الواقع، ولن نتعالى عليه، ولن نهرب من هذا السؤال، لأننا معنيون بالبحث عن الخلاص، الخلاص الإيجابي بطبيعة الحال، خلاص الحرية، والاستقلال، لا خلاص التسليم والعبودية، لن نكون يائسين، ولنا سيرة باهرة في تحدي اليأس، والتشبث بالأمل، ونعرف ليس هذا كافيا لنخرج إلى واقع وحال الأمن، والحرية والاستقرار، فلا بد من العمل مع الأمل، وليس أمامنا اليوم من عمل سوى التكاتف، والتعاضد، والتوحد، ووأد الفتن التي تحاولها نخب النكران الحزبية المتمسكة بخطب الشعار، وأحابيله البلاغية...!!

لن نكون بخير إذا ما بقي التشرذم على حاله، وإذا ما بقيت فتاوى المقولات الجاهزة سائدة، لن نكون بخير مع هذا الواقع، وهذه الحال...!! آن الأوان أن نضع النقاط فوق الحروف، وأن نسمي الأشياء بأسمائها، مقبلون على عام جديد، والفرصة أمامنا سانحة، أن نقطف ثمرة هتاف الحرية لفلسطين، السائر في مختلف شوارع العالم، وثمرة كل هذا التعاطف العالمي، مع دم ضحايانا، وقضيتنا الوطنية، وكل هذا التأكيد على حل الدولتين، الذي بات لازمة في كل تصريح سياسي، من قبل مختلف أركان المجتمع الدولي، الفرصة سانحة مع إصرار الشرعية الفلسطينية، بقيادة الرئيس أبو مازن، على التمسك بسبل الحل العادل، عبر التسوية الشاملة، الفرصة سانحة مع هذا القرار الوطني المسؤول، الفرصة سانحة مع منظمة التحرير الفلسطينية، التي وحدها تظل سفينة الإنقاذ، خاصة للذين ما زالوا يناكفونها، إذا ما جاءوا إليها، لترسو بهم، وبالكل الوطني على شاطئ الخلاص الإيجابي، ودائما هو خلاص الحرية والاستقلال.

دعونا من الشعار، وشاشات الاستثمارات الاستعراضية، لحساب الأجندات الحزبية والإقليمية، دعونا من خطابات المؤتمرات الصحفية، هناك عويل في غزة، هناك أسئلة المصير تئن مع الجرحى، والنازحين قسرًا إلى جنوب القطاع الذبيح، والعدوان الحربي الإسرائيلي مستمر، والضحايا كل يوم بالعشرات، إن لم يكونوا بالمئات ..!! من تحت الركام المهول الذي بات يهيمن على مشهد غزة، ومن القلوب المكلومة هناك، الخير ينادي على الوحدة الوطنية، كي لا يظل سؤالنا هو هذا السؤال، هل نحن اليوم بخير..؟؟