بعد فشل تمرير قرار في مجلس الأمن، اتجهت الدول لتفعيل المادة ٣٧٧ وهي التي تتحدث عن مبدأ الاتحاد من أجل السلام. الغالبية العظمى لدول العالم تقود نداء دبلوماسي متعدد الأطراف من أجل وقف اطلاق النار الإنساني في قطاع غزة ولكن تبقى قرارات الجمعية العامة غير مُلزمة للإنفاذ ما لم يتم تبنيها من مجلس الأمن.


جاء قرار الجمعية العامة بشكل دبلوماسية الأمم المتحدة اي الدبلوماسية متعددة الأطراف وهذا القرار جاء بعد تفعيل المادة ٩٩ من قبل الأمين العام للأمم المتحدة الذي أعلن صراحة عن انهيار النظام الدولي الصحي والإنساني وعدم قدرة المنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية من تقديم الدعم الإنساني اللازم أمام كارثة إنسانية وصحية يعاني منها ٢.٣ مليون مدني فلسطيني في قطاع غزة مع تجاوز عدد الضحايا ال ٢٥ الف غالبيتهم من الأطفال والنساء.


حيث تم تمرير قرار الجمعية العامة الأخير بأغلبية 153 صوتًا وتصويت دول جديدة كانت معارضة لقرار الجمعية العامة السابق ومنها كندا وأستراليا وهذا تطور دبلوماسي مهم. بينما عارضت 10 دول وهي (الولايات المتحدة الأمريكية، النمسا، غواتيمالا، بابوا، باراجواي، إسرائيل، ليبيريا، التشيك، ميكرونيزيا، ناورو) وامتنعت 23 دولة عن التصويت وهي (المملكة المتحدة، بالاو، بنما، ليتوانيا، رومانيا، توغو، جورجيا، ألمانيا، إيطاليا، هولندا، المجر، بلغاريا، الأرجنتين، ملاوي، جزر مارشال، أوروغواي، تونغا، كابو فيردي، سلوفاكيا، جنوب السودان، الاستوائية، تونغا، أوكرانيا). في السياسة الخارجية, فشل الدبلوماسية متعددة الأطراف بإصدار قرار ملزم لا يُخلي مسؤولية الدبلوماسية أحادية الأطراف، فدبلوماسية الأمم المتحدة توجب على كل الدول الأعضاء بشكل جماعي وفردي للقيام والالتزام بحفظ السلام والأمن الدوليين, متوقع من الدول الأعضاء بشكل جماعي رفض التعدي الإسرائيلي بإهانة شخص الأمين العام والاهانات التي تعرض لها الكثيرين من موظفي الهيئة في فلسطين.


موقف الولايات المتحدة الشاذ دبلوماسياً لا يسقط مسؤولية الدول بشكل فردي من خلال توظيف أدوات دبلوماسية عدة على مستوى فردي بتعاملها الثنائي المباشر مع دولة إسرائيل وهنا نذكر أدوات فعالة قد تضغط لوقف إطلاق النار، تشمل:


- الدبلوماسية القسرية وما تندرج عليه من عقوبات اقتصادية من خلال علاقاتها التجارية مع إسرائيل.


- الدبلوماسية الرسمية والقنصلية والتي تنطوي على حق الدول الفردي بالضغط على إسرائيل من خلال عقوبات تجميد العلاقات الدبلوماسية والقنصلية او سحب السفراء من دولة الاحتلال او استجواب السفراء الإسرائيليين علئ أراضيها.


- استدعاء وتوبيخ الدبلوماسيين الإسرائيليين في أراضيها حول تصريحاتهم التي تتعارض مع السلام ومواقف هذه الدول المضيفة من حل الدولتين.


- مقاطعة الحكومة اليمينية المتطرفة الفاشية التي تضم في تشكيلها أفراد مستوطنين مجرمين أمثال بن غفير وسموترتش وما هو غير مقبول وغير منطقي ويجب مقاطعة هذه الحكومة صراحة بعدم التعامل معها.


- التدابير القانونية ودعم احالة مجرمين الحرب للمحاكم وتسهيل مهمة المحكمة الجنائية الدولية التي تملك الولاية القضائية في الأراضي المحتلة.


- ادراج المسؤولين الإسرائيليين اللذين خرجوا بتصريحات غير إنسانية ودعوا للإبادة والجرائم ضد الإنسانية كإرهابيين وعدم السماح لهم بدخول أراضيها.


- أدوات عقابية تتعلق بملف الاستيطان استناداً لقرار مجلس الأمن ٢٣٣٤ لعام ٢٠١٦ والذي اعتبر صراحة عدم شرعية الاستيطان وتشكيله للعقبة الأساسية للسلام في الشرق الأوسط. هنا نُذكر أنه على كل دولة بشكل أحادي

- سحب مواطنيها الأجانب مزدوجي الجنسية المقيمين في المستوطنات غير الشرعية, فهم غير قانونيين ويكسبون شرعية للمستوطنات كما يهددون أي مستقبل للأمن والسلام.

-  اتخاذ تدابير عقابية أمام المشاريع الاستيطانية الجديدة من قبل حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة.


بالرغم من عدم نجاح مجلس الأمن بتمرير قرار لوقف اطلاق النار للمرة الخامسة منذ بدء العدوان على غزة بسبب استعمال الفيتو حق النقض من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. إلا أن الدبلوماسية هي أداة قانونية سلمية حضارية تملك أساليب عدة لا يمكن الاستغناء عنها. فشل الدبلوماسية متعددة الأطراف بشكل دولي جماعي لا يُسقط التزام هذه الدول كأعضاء في المنظومة الدولية أمام مسؤولياتهم الفردية الواضحة حسب ميثاق الأمم المتحدة وكونهم أعضاء في اتفاقيات حقوق الإنسان واتفاقيات حنيڤ الرابعة والمحكمة الدولية والمحكمة الجنائية وضروري تفعيل كل هذه الأدوات في مواجهة ورفض صريح للمخالفات الاسرائيلية لكافة قرارات القانون الدولي الإنساني وأولها ما يتعلق بحماية المدنيين وإيقاف كارثة القرن الواحد والعشرين.