رحل طلال سلمان، لكنه سيبقى حيًّا في ذاكرة ووجدان الشعب الفلسطيني

قيادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان تنعى إلى جماهير الشعبين الفلسطيني واللبناني والأمة العربية الصحافي والكاتب المناضل الوطني الكبير طلال سلمان، الذي إنتقلت روحه إلى بارئها بعد مسيرة طويلة حافلة بالفكر والثقافة الوطنية والقومية، التي كانت فلسطين حاضرة دائمًا في قلبه وعقله ووجدانه حتى الرمق الأخير.

وبرحيله خسر لبنان وفلسطين والأمة العربية أحد أبرز أعلامها، صاحب القلم الجري والوضاء والحر تاركًا إرثًا فكريًا وثقافيًا وطنيًا وعروبيًا، كان لفلسطين الحيز الأكبر فيها على إمتداد الوطن العربي، من خلال المنبر الإعلامي الذي اسسه عام 1974 جريدة السفير، التي إختار لها شعارًا جريدة العرب في لبنان، وجريدة لبنان في الوطن العربي، وصوت الذين لا صوت لهم، التي غطّت محطات مفصلية وتاريخية منذ عددها الأول في السادس والعشرين من شهر آذار 1974 الذي تضمّن مقابلة مطوّلة مع الرئيس الراحل الرمز ياسر عرفات، الذي وصفه طلال سلمان بالقائد الذي قدّر له أن يسهم في صنع مرحلة هي غاية في الأهمية من تاريخ القضية والأمة*.

 واكب الراحل خلال حياته العديد من ثورات التحرر العربي، وكان له حضور بارز في كل ميدان له علاقة بالقضية المركزية للأمة العربية، وزار قواعد الفدائيين الفلسطينيين في أواخر ستينيات القرن الماضي في قواعدهم، والتقى قادة الثورة الفلسطينية المعاصرة ومقاتليها، وأصدر كتابه الأول "مع فتح والفدائيين".

 ولم تغب فلسطين يومًا عن كتاباته وإفتتاحياته الأسبوعية في صحيفة السفير، حتى إنها الصحيفة الوحيدة التي لم تتوقف عن الصدور تحت القصف والنيران عندما حاصر جيش العدو الصهيوني بيروت عام 1982، وبقيت تنشر كل وقائع العدوان لحظة بلحظة كاشفة وفاضحة ما يرتكبه العدو الصهيوني من قصف همجي طال المباني السكنية والمرافق العامة والمستشفيات، والملاجئ، أدى إلى سقوط آلاف الشهداء والجرحى من المدنيين العزّل، وأطلقت الصحيفة في الرابع من آب 1982 عنوانها الصارخ "بيروت تحترق ولا ترفع الأعلام البيضاء".

إننا في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، نسجل للراحل الكبير طلال سلمان مواقفه الشجاعة والجريئة، فلم يكن نصيرًا للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية بقلمه فحسب، بل كان يقدم لها الدعم بمختلف السبل، ونستذكر جيدًا أنه وبعد أن أحكم جيش الاحتلال الإسرائيلي حصاره لبيروت الغربية، حيث قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وكوادرها ومؤسساتها، قدم سلمان مطبعة السفير لتقوم بطباعة جريدة  "فلسطين الثورة"، الجريدة الناطقة باسم المنظمة بعد أن قصف طيران العدو الصهيوني مطابعها في منطقة الفاكهاني في الأيام الأولى للحرب، والأهم أنه جعل من السفير ناطقة بحد ذاتها باسم منظمة التحرير والرئيس الراحل ياسر عرفات شخصيًا أثناء الحصار.

ولن ينسى شعبنا الفلسطيني مقاله الشهير "الفلسطينيون جوهرة الشرق الأوسط" الذي أبدع سلمان في إنصاف الشعب الفلسطيني وإعطائه حقه، عندما كتب بأسلوبه الرائع عن دور اللاجئين الفلسطينيين في بناء الاقتصاد اللبناني وفي دول عربية متعددة أخرى. وليس في الاقتصاد فقط بل وفي التعليم والثقافة، مؤكدّا أن الفلسطينيين كانوا نعمة وليس نقمة أينما حلّوا.

رحل طلال سلمان، لكنه سيبقى حيًّا في ذاكرة ووجدان الشعب الفلسطيني، وفي ذاكرة ووجدان كل الأحرار في الوطني العربي والعالم. وداعًا طلال سلمان ابن لبنان وفلسطين والعرب البار.

وبهذا المصاب الجلل تتقدم قيادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان من عائلة الراحل ومن الشعب اللبناني الشقيق ومن الأسرة الإعلامية اللبنانية والفلسطينية والعربية بأحر التعازي وخالص المواساة سائلين له الرحمه والمغفرة وأن يلحقه بالشهداء والصديقين وحسن أولئلك رفيقا.

نعاهده ونعاهد كل الشهداء الأحرار الذين أيدوا وناصروا القضية الفلسطينية أن نبقى أوفياء لنهجهم وإرثهم النضالي الوطني والفكري والثقافي حتى النصر والتحرير والعودة.

قيادة فصائل "م.ت.ف" في لبنان
27 آب 2023