نديم علاوي

في مخيم عقبة جبر، أكبر المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، بتعداد سكاني بلغ (30,000) قبيل العام 1967، يشمخ النخيل على أطرافه بارتفاع عدة أمتار غير راكع للريح ولا للاحتلال كما أهاليه.

منذ بداية العام الجاري، أصبح المخيم واحدا من أكثر الأماكن الفلسطينية استهدافا للاحتلال.. ترويع وقتل وحصار واقتحام للمنازل.

8 شهداء ارتقوا برصاص الاحتلال منذ مطلع العام الجاري، وهم ثلة من بين 22 شهيدا قدمهم المخيم منذ الانتفاضة الأولى عام 1987 حتى اليوم.

ومخيم عقبة جبر، هو حارس مدينة الأغوار الفلسطينية على مدار التاريخ، وهو امتداد لأراضي مدينة أريحا وهي من أقدم مدن فلسطين الكنعانية، حيث يرجع تاريخها إلى العصر الحجري، أي إلى ما قبل سبعة آلاف عام قبل الميلاد.

يقول منسق القوى الوطنية في محافظة أريحا والأغوار، صلاح السمهوري لـ "وفا"، إن "مخيم عقبة جبر، المتربع جنوب مدينة أريحا، رمزا للصمود والثبات، ويسطر منذ أزمان طويلة نموذجا نضاليا، كما كل المخيمات، رغم كل محاولات كسره وتركيعه".

وتحدث السمهوري وهو أحد وجهاء المخيم، عن صمود واستمرار أهاليه في مواجهة محن وتحديات الاحتلال، ويضيف: "الهجمة الشرسة الأخيرة التي شهدها المخيم من قبل الاحتلال همجية غير مبررة، حيث يتعرض المخيم إلى اقتحامات مدفوعة بالمستعربين لإثارة المواجهات العنيفة، بمساندة عسكرية من قبل مئات الجنود."

ويتابع، أن طبيعة المخيم وسكانه الذين ينحدرون من قرابة 30 قرية شمال مدينة حيفا، بالإضافة إلى مناطق غزة والخليل، وهم يمثلون "بانوراما" فلسطينية لاجئة تسترعي الانتباه، وتعزيز صمود سكانه، والالتفاف والتوحد حول عائلات الشهداء والأسرى، والتخفيف من معاناتهم.

وعن تسمية المخيم بهذا الاسم (عقبة جبر) فإن هناك عدة روايات ذكرها كبار السن والخبراء في التاريخ.. إحداها أنه كان هناك موقع أثري موجود بالقرب من المخيم، وأول شخص قدم إليه اسمه "جبر" فبدأ يحفر في الأرض لكي يقيم منزلا له وكانت هناك صخرة كبيرة فسموها "عقبة جبر"، إلا أن الرواية الأدق هي التي ذكرها مؤرخون في أن تسمية المخيم بهذا الاسم يشير إلى (العقبة) التي تواجه من يسلك الطريق من القدس إلى أريحا.

وتقدر مساحة المخيم بــ 650 دونما، تضم أراضي واسعة مزروعة بأشجار النخيل، ومدرستين "للأونروا" ومعاهد تدريب مهني، ومؤسسات، ونقابات، وستة مساجد، وهي: مسجد العباسيين، وأبو بكر الصديق، وعثمان بن عفان، والحسيني، والشهيد إبراهيم ياغي، وبلال بن رباح.

ويقول مدير نادي الأسير في أريحا عيد براهمة لـ "وفا"، إن قوات الاحتلال تواصل احتجاز 6 جثامين لشهداء من مخيم عقبة جبر، آخرهم الشاب سليمان عايش حسين عويض (20 عاما) الذي قضى متأثرا بإصابته بالرصاص الحي، صباح اليوم الاثنين، فيما اعتقلت سلطات الاحتلال أكثر من 90 مواطنا من سكان المخيم منذ بداية العام الجاري، وحولت عددا منهم إلى الاعتقال الإداري.

وأضاف، إن قوات الاحتلال تواصل استهداف المخيم وتحاصر سكانه في مشهد مشدد ومتكرر، ضمن سياسة العقاب الجماعي الذي تمارسه سلطات الاحتلال على أهالي المخيم بشكل خاص، ومدينة أريحا بصورة عامة.

إلى ذلك، قال رئيس اللجنة الشعبية في المخيم، جمال عوضات، إن مخيم عقبة جبر الذي يبلغ عدد سكانه نحو 9904 لاجئين، حسب مركز الإحصاء الفلسطيني، يشهد منذ تأسيسه في أعقاب عامي 1948 و1967، معاناة يومية مع الاحتلال، وعذابات التهجير، واقتحامات الاحتلال الواسعة، وسط الحصار المتكرر الذي بلغ حوالي 20 يوما متقطعا، وهو الأول من نوعه منذ حصار مدينة أريحا عام 2006. 

ويتابع عوضات، "ما نشاهده من اقتحامات شرسة، توحي جميعها باستهداف الاحتلال لكل شيء.. إرهاب، ومداهمة منازل، واحتجاز للسكان، وغير ذلك من ممارسات الاحتلال البشعة."

ويشير إلى أن "من يدخل المخيم ومنازل سكانه يدرك وهو بين سكانه أنه بين سكان فلسطينيين من مختلف الأطياف ويمثلون عشرات القرى المهجرة وغيرها، وهو الأكبر في الضفة الغربية في العام 1948.

ويقع مخيم عقبة جبر على مسافة 3 كيلومترات من مركز مدينة أريحا، وكان قد تأسس في أعقاب نكبة عام 1948م، على مساحة تقدر بحوالي 1689 دونما، أصبحت الآن 689 دونما.

وقبل حرب عام 1967؛ كان عدد اللاجئين المسجلين في المخيم حسب وكالة الغوث 30000 نسمة، وكان يتربع على مساحة 1689 دونما (قبل ان يتقلص الى 650 دونما) ما جعله الأكبر في الضفة الغربية في ذلك الوقت، بينما تقلص عدد سكان المخيم بعد حرب حزيران عام 1967م؛ بسبب حركة النزوح الواسعة التي شهدها باتجاه الأردن وسوريا ولبنان ودول أخرى؛ حيث بلغ عدد النازحين من المخيم حوالي 28000 نسمة.

المصدر : وكالة وفا