غدًا الأربعاء، تضيء وزارة الثقافة والمنابر والمؤسسات الثقافية والمعرفية الفكرية ودور النشر الفلسطينية والعربية وبعض العالمية مع الشعب والقيادة الفلسطينية شمعة جديدة في مسيرة معرض فلسطين للكتاب المحتلة على أرض المكتبة الوطنية/ قرية سردا - محافظة رام الله البيرة، والذي يستمر لعشرة أيام.

ومعرض فلسطين للكتاب أسوة بمعارض الكتاب العربية والدولية، هو عرس ثقافي وفني، وعادة يكون بمثابة شعلة نور ثقافية، تتلازم مع عرض أحدث وأقدم نتاجات المعرفة بقطاعاتها وتخصصاتها المتنوعة والمختلفة بأمسيات ثقافية وفنية وندوات فكرية وتاريخية وسياسية وفق برنامج أعده القائمون عليه، خاصة إدارة المعارض في وزارة الثقافة وشركائها في اتحاد الأدباء والكتاب، واتحاد الصحافيين، وبيت الشعر، وكليات الآداب وغيرها في الجامعات والمراكز الثقافية.

عرس الثقافة الوطنية سيكون هذا العام أكثر إشعاعًا مع الاحتفاء بالشقيقة تونس وكتابها ومثقفيها، وبافتتاحه الرسمي برعاية سيادة الرئيس محمود عباس. رغم أن المعرض يأتي في لحظة حادة ومعقدة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتشهد استنزافا واستباحةً لدماء الشهداء من قبل سلطات الاستعمار الإسرائيلي، وقطعان المستوطنين، واعتقال المئات من أبناء الشعب، والاقتحامات المتواصلة للمسجد الأقصى، والنفخ في البوق في رحابه المقدسة، وأداء الصلوات التلمودية الاستفزازية لأبناء شعبنا بمسلميه ومسيحييه. لا سيما أن المسجد واحد من أكثر الأماكن قداسة للمسلمين بعد الكعبة المشرفة والمسجد النبوي الشريف، وشحن حالة التوتر والتصعيد مع كل الوطنيين والقوميين وأنصار السلام. وفي ظل مواصلة الإعدام البطيء لأسرى الحرية، خاصة للأسير ناصر أبو حميد وأقرانه من أبطال الأمعاء الخاوية والمرضى.

وكأن دولة الإرهاب المنظم الإسرائيلية تعمل بشكل حثيث على تفجير الأوضاع، بهدف اجتياح الأراضي الفلسطينية أسوة بجريمة شارون في عام 2002، وكل جرائمها السابقة بهدف تدمير وتصفية أي بقعة ضوء لها علاقة بالسلام. ومع ذلك، فإن افتتاح معرض الكتاب الثاني عشر غدًا، ورفع الستار عن أبوابه، وقص الشريط لفعالياته يعتبر شكلاً من أشكال التحدي، وعنواناً من عناوين الدفاع عن الهوية والشخصية الوطنية، وصقلاً لروح المعرفة الوطنية والقومية والديمقراطية الملتزمة، ونفخًا في بوق العطاء والوفاء لأرواح أعلام الفكر والثقافة والمعرفة بتلاوينها ومدارسها المختلفة، لأرواح محمود درويش، وغسان كنفاني، وسميح القاسم، وإميل توما، وتوفيق زياد، وأحمد دحبور وعزت عزام وإحسان عباس، وأبو سلمى، وعبد الرحيم محمود، وخليل السكاكيني، وفدوى وإبراهيم طوقان، ومعين بسيسو، وإسماعيل شموط، وأبو سردانة، وأبو الصادق، وغريب عسقلاني، وحنا أبو حنا، وإدوارد سعيد، وهشام شرابي وإبراهيم أبو لغد وحنا مقبل، وناجي علوش، وخالد أبو خالد، وفواز عيد، ومحمد لافي ويوسف الخطيب، ويوسف وأنيس ويزيد ومي صايغ ونزار قباني، وأحمد شوقي، وأحمد فؤاد نجم، والشيخ إمام، ويوسف إدريس، وجابر عصفور، وعبد الرحمن منيف، وسعدالله ونوس، وممدوح عدوان، ويمنى العيد، ومهدي عامل، وحسين مروة، ومحمد علي شمس الدين، وجمال الغيطاني، ونصر حامد أبو زيد، وسعدي يوسف، والجواهري، وعبد الوهاب البياتي، وعبد الكريم الخطابي، والطاهر وطار، وأبو القاسم الشابي، وإبراهيم الأسطى، ومحمد الفيتوري، وأحمد ولد عبد القادر .. والقائمة الفلسطينية والعربية تطول.

معرض الكتاب عنوان من عناوين المقاومة الثقافية والسياسية والفنية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية، ولعلها فرصة للنخب المنتجة للمعرفة بفرقها المختلفة لتطلق باكورة ثورة ثقافية للنهوض بواقع المعرفة، وتفعيل الحياة الفكرية لمواجهة كل المدارس الهدامة والأفكار السوداء والصفراء أتباع الظلامية، وإحياء حركة التنوير والنهضة الوطنية والقومية في الوطن العربي، وإحداث صحوة قومية ديمقراطية جديدة تستجيب لمصالح الجماهير الشعبية العربية، ودعوة قوى التغيير للنهوض من سباتها، وتحمل مسؤولياتها في وقف حالة التدهور التي تعم الساحات العربية المختلفة من أقصاها لأقصاها.

معرض الكتاب في ربيعه الثاني عشر بالضرورة سيكون رافعة من روافع المعرفة والثقافة والتنوير، وإضافة جديدة في مسيرة استنهاض الوعي الوطني والقومي، وشعلة من مشاعل الحرية السياسية والثقافية، وكل التحية للقائمين عليه، خاصة الأخوين وزير الثقافة، ومدير عام معارض الكتاب في الوزارة، ولكل من ساهم وأسهم في نجاح المعرض، والشكر بالضرورة موصول لكل الناشرين الفلسطينيين والعرب من الأردن ومصر وتونس ولأولئك الناشرين الذين لم يتمكنوا من المشاركة المباشرة لأسباب تتعلق بمواقفهم من دولة الاحتلال. وكل عام والثقافة الوطنية والقومية بخير.

المصدر: الحياة الجديدة