من يستمع لسيادة الرئيس أبو مازن ويقرأ ما ينشر له من خطب وكلمات، خاصة ما يتعلق بالشأن السياسي وسبل إدارة الصراع، وكذلك سبل إدارة الشأن العام، سيدرك مع قليل من التأني والتبصر، قيما نضالية بليغة التعلق بثوابتها الوطنية، مثلما سيدرك مع صراحة سيادة الرئيس ووضوح كلماته موقفًا مسؤولاً لا يتطلع لأي تصفيق.

ليس ثمة أية ادعاءات ولا أية استعراضات في خُطب سيادة الرئيس وكلماته، اقرأوا كلمته في اجتماع مجلس الوزراء الذي ترأسه أمس الأول، ستقرأون رؤية المسؤول بواقعيتها التي لا تعرف تبجحًا، وسلامتها الاخلاقية التي لا تروج أوهامًا.

"المقاومة الشعبية السلمية، من أهم الاسلحة التي يمكن أن يستعملها الشعب المقهور، ويجب أن نستمر فيها، ونداوم عليها، وإذا استطعنا أن نقوم بالعمل وحدنا، ونحن قادرون على ذلك، فسننجح، لكن إذا اعتمدنا على غيرنا، فلن ننجح أبدًا"، في هذا القول لسيادة الرئيس أبو مازن الخلاصة، خلاصة الحال التي ينبغي أن نكون عليها لكي ننجح، هذه الخلاصة  التي لن يدركها أولئك الذين ما زالوا يهرولون في دروب الغير بعيدًا عن فلسطين وشؤونها، وبعيدًا جدًا عن تطلعاتها في الحرية والاستقلال..!! هؤلاء هم الحمساويون، قيادة استطابت اليوم عيش الفنادق المبهرة والقصور الفارهة، بعيداعن قطاع غزة المكلوم، وبعيدًا عن أوجاعه وتطلعاته، وأرتضت التمويل الحرام طعاما يتقاسمون أصنافه الفاخرة بينهم، وأهل غزة يتضورون...!!

الخلاصة التي لاتقرب تزويقًا، وتناهض الادعاء والاستعراض، لن تناسب أبدًا أصحاب التزويق والاستعراض الصاروخي، الخلاصة التي تقول المعنى، بهدوء وروية، لن يدركها الصارخون من فوق منابر التآمر، في مهرجاناتها الممولة، لا بالمال فحسب، وانما بالغايات التدميرية للقضية الفلسطينية..!!

يقول جلال الدين الرومي الذي عرف "كشاعر، وعالم بفقه الحنفية" وكحكيم متصوف، يقول مخاطبًا من أراد الحكمة وسعى إليها: "ليترفع منك المعنى، لا الصوت، فإن ما يجعل الزهر ينبت ويتفتح، المطر،  لا الرعد".

رعد الحمساويين عدا عن أنه لن ينبت زهرًا، يظل صراخًا مازال يطرب أعداء المشروع الوطني الفلسطيني، في الوقت الذي يغيض المعنى في كلمات سيادة الرئيس  أبو مازن، هؤلاء الأعداء، ليواصلوا التحريض عليه، وأحدثهم بالامس المحلل الإسرائيلي"ريتشارد هايدمان" الذي كتب مقالاً في صحيفة اليمين الإسرائيلي العنصري المتطرف "اسرائيل هيوم"، واصفًا سيادة الرئيس بأنه "أسوأ راع للإرهاب في العالم"! داعيًا بتحريض مباشر إلى التخلص منه، بخديعة أنه يأمل "ان يختار الذين سيخلفون عباس تبني سلام دائم"..!!

لم يلتفت هاديمان هذا إلى خطاب اسماعيل هنية الرعدوي الذي كان في صيدا اللبنانية، وهذا أمر طبيعي، لأن إسرائيل تطرب لمثل هذا الرعد، ولأنها لا تريد للشعب الفلسطيني سواه، أما صوت المعنى، فسيظل يقلق منامها، حتى لا تعرف نوما قبل زوال احتلالها لأرض دولة فلسطين ودائمًا من رفح حتى جنين بعاصمتها القدس الشرقية، وهذا ما سيكون .

المصدر: الحياة الجديدة