العمل بجد وإخلاص لإسقاط قناع الديمقراطية والحريات والحقوق، وإظهار حقيقة هوية ومنهج منظومة الاحتلال والاستيطان والعنصرية (إسرائيل)، بقصد إحداث تغيير جوهري على مواقف دول العالم من الحق التاريخي والطبيعي للشعب الفلسطيني، يحتاج إلى شهادات وأدلة دامغة نقدمها للعالم المضلل بالدعاية والرواية الصهيونية الإسرائيلية المزيفة، ونعتقد أن الشهادات الموثقة والثابتة والحافلة بالوقائع كالدراسات والبحوث تعتبر الأقوى بالنسبة لنا وبمثابة الشاهد الملك في قضية ما من آلاف القضايا التي تستحق كل واحدة منها جهودا جبارة منتظمة، لتحقيق هدف التأثير الإيجابي على صناع القرار في دول العالم، وعلى الشعوب الحرة التي تساهم عن دون قصد في حقن هذه المنظومة بمقومات القوة، فالدول الداعمة ماليا وعسكريًا وسياسيًا لمنظومة الفصل العنصري، تخادع شعوبها وتقتطع من الضرائب التي تدفعها الشعوب وتقدمها لأعتى وآخر نظام عنصري على وجه الكرة الأرضية! .. فإسرائيل منذ إنشائها دولة تمييز على أساس الهوية الدينية، لا علاقة بالدولة الحديثة الديمقراطية، ودولة حقوق الإنسان، حتى لو أغرقت صحافة ووسائل إعلام العالم بكل اللغات بروايات معاكسة .. ولعل أحدث دليل على ما نذهب إليه هو ما صرحت به رئيسة الائتلاف عضو الكنيست عن حزب "يمينا" عيديت سيلمان، للتعبير عن سبب انسحابها من الائتلاف الحاكم في (إسرائيل) برئاسة نفتالي بينيت عندما قالت: "أرفض المشاركة في إلحاق أضرار بالهوية اليهودية لإسرائيل وشعب اسرائيل"، وعند التركيز، والتدقيق يكتشف المتابع أن الأمر متعلق بسماح وزير الصحة إدخال الـ"حاميتس" وهي مأكولات لا يجوز تقديمها في المستشفيات الإسرائيلية خلال عيد الفصح اليهودي!! أما إذا وضعنا القوانين العنصرية الصادرة عن كنيست هذه المنظومة أمام بصر العالم وطالبناه بقراءتها ببصيرة إنسانية وضمير حي والتزام بمبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية، ومعايير الدولة الحديثة فإن العالم سيدرك أن (دولة طالبانية) أنشأها المستعمرون قد نمت بمظهر مثير ولافت لكنها في الحقيقة (سامة) ليست قاتلة وحسب، بل مخربة ومدمرة لبيئة المنطقة الحضارية التي أنشئت فيها!..ونعتقد أن خلاصة الدراسة التي قدمتها نقابة الأطباء في إسرائيل ووقع عليها عشرون طبيبًا من 12 مستشفى و4 جامعات، إلى جانب مشاركة من نقابة  الممرضات ودائرة آداب المهنة في النقابة، تعتبر واحدة من أهم الشهادات الكاشفة لحجم مخالفات المنظومة للقانون الدولي، واستهتارها بقيمة الإنسان، كما تعتبر إدانة صريحة لأجهزة الأمن الإسرائيلية والعسكرية أيضًا. 
خلصت الدراسة إلى أن 96% من المعتقلين الفلسطينيين يتم تقييدهم بالأصفاد أثناء العلاج في المستشفيات، ويعاملون كالمعتقلين على خلفية جرائم جنائية !!  ومن سطور الدراسة كانت شهادة نائب مدير مستشفى "شعاري تسيدك" في القدس البروفيسور دان تيرنر، الذي أفاد: "قبل سنتين ونصف السنة، وصل فتى عمره 14 عامًا من شعفاط بعد إصابته في قدميه برصاص أطلقه أفراد شرطة عليه. وحاول الأطباء إنقاذ ساقه، لكنهم لم ينجحوا بذلك. وعندما استفاق، كانت ساقه اليمنى ثابتة، وساقه اليسرى مقطوعة من فوق الركبة. ولم يكن والداه إلى جانبه، وبدلا عنهما تواجد ثلاثة حراس مسلحين ويده مقيدة بالسرير. وهذه الحالة هزّتني". وشهد في الدراسة على إحضار معتقل فلسطيني عمره 19 عاما ويعاني من انتشار السرطان في جسمه وآلام شديدة في العظام، وكان مكبلا بالساق اليمنى، واليد اليسرى. وكان يبكي وطلب وقف العلاج والعودة إلى السجن، لأنه لم يكن قادرا على المعاناة أكثر من ذلك". 
واستخلص الأطباء: "أن هذا الوضع ينطوي على تناقض غير عقلاني. وفي إحدى الحالات تم إحضار معتقل يعاني من ارتفاع مستوى السكري ومن آلام. وفي حالة أخرى تم إحضار سجين مصاب بشلل دماغي ويستعين بساقين اصطناعيتين، وكان مكبلاً بساقه، ومعتقل يعاني من مرض نفسي خضع لعملية جراحية في بطنه، وأي حركة سببت الآلام له". وأضافوا: "في غالب الأحيان تم تكبيل معتقلين قاصرين بالأصفاد بشكل متصالب أي بوضعها في القدم اليمنى واليد اليسرى أو بالعكس". 
خلاصة الدراسة شهادة صريحة على جرائم أجهزة أمن المنظومة العنصرية الاستعمارية (إسرائيل) بحق كرامة الإنسان الفلسطيني حيث أكدت بالنص: "أن التكبيل بالأصفاد لا تمس كرامة الإنسان وحسب، بل تصعّب العلاج الطبي".

 

المصدر: الحياة الجديدة