في زمن افتضاح وتعري السياسات العنصرية الغربية الرأسمالية عموما والأميركية خصوصًا في خضم الحرب الروسية الأوكرانية، لن أضيف جديدًا للقارئ المتابع، ولا للعارف بمركبات دولة المشروع الكولونيالي الصهيوني عندما أؤكد للمرة الألف، أن اليهودية الصهيونية الخزرية كانت على مدار عقود وجودها في فلسطين العنوان الأبرز، والسلوك الابشع في العنصرية ضد شعوب الامة العربية عمومًا وأبناء الشعب العربي الفلسطيني خصوصًا.

وتؤكد القيادات الاستعمارية الصهيونية قبل تأسيس دولتها الإسرائيلية عام النكبة 1948 وحتى يوم الدنيا هذا على تعميقها وتأصيلها لوحشيتها العنصرية، ولاعلائها وتجذيرها عمليات قتل الأغيار، الاخر الفلسطيني العربي بلا سبب، ولمجرد انتمائه وهويته الوطنية والقومية او حتى انتمائه الديني للاسلام أو المسيحية. ومن عمليات اشهار القتل على الملأ، ما أعلنه رئيس وزراء حكومة إسرائيل، نفتالي بينيت يوم الأربعاء الماضي بتاريخ الثلاثين من مارس الماضي، الذي صادف يوم الأرض الفلسطيني عندما وجه رسالة لليهود الصهاينة الذين يملكون رخصة سلاح لحمل أسلحتهم معهم طوال الوقت، وذلك لاطلاق الرصاص الحي على الفلسطينيين لمجرد الاشتباه بالقيام بأي عمل مقاوم. وأضاف زعيم الصهيونية الدينية المتطرف، رافض خيار السلام، أنه سيطلب أيضاً من جميع الجنود حمل أسلحتهم إلى منازلهم من قواعدهم، حسب ما ذكرت فضائية (CCN) وكل وسائل الاعلام الإسرائيلية. وتابع عبر فيديو منشور له من بيته (لأنه مصاب بفيروس كوفيد 19) "من لديه رخصة لحمل السلاح فهذا هو الوقت المناسب لحمله" ليس للاستعراض، ولا للزينة، وإنما لاستخدامه ضد أبناء الشعب الفلسطيني. وأردف معمقًا خيار عسكرة المجتمع الإسرائيلي بالقول إن 15 شركة تابعة للجيش الإسرائيلي ستعمل مع الشرطة الاستعمارية في ما أسماه "مكافحة الإرهاب" وتناسى أنه ودولته هم أصل الإرهاب، واستعمارهم هو احد ركائز الارهاب. وتابع كما أنه "تم تشكيل لواء حرس حدود جديد للرد على الموجة الإرهابية الجديدة". وأوضح رئيس الحكومة المحرض على عمليات القتل "إنشأنا وحدة للدراجات القتالية" لملاحقة الفلسطينيين.

ومن راقب التطورات على صعيد ما تقدم، لاحظ انه منذ بداية العام الحالي أنشأت دولة الإرهاب الدولاني المنظم الإسرائيلية أكثر من عصابة رسمية وغير رسمية، ففي النقب أنشأ ضابط الشرطة الاستعماري المتقاعد، الموغ كوهين، عضو حزب الفاشية الصهيونية "القوة اليهودية" بزعامة بن غفير الشهر الماضي كتيبة من القتلة الصهاينة باسم "بارئيلي شموئيلي" لاستهداف المواطنين الفلسطينيين الأبرياء هناك.

مؤكد أن بينيت وكل قادة دولة الاستعمار الإسرائيلي لم يضيفوا لأي فلسطيني أو عربي أو أممي متابع جديدًا حول عسكرة المجتمع الإسرائيلي. لأن المهاجرين الصهاينة من الأثنيات المختلفة في العالم، قام بالأساس، ومنذ بدأت دول الغرب الرأسمالي بتنفيذ مخططها لإنشاء دولة إسرائيل على الأرض الفلسطينية لتمزيق وحدة شعوب الأمة العربية عبر أداتهم الوظيفية الحركة الصهيونية، ارتكزت على قاعدة أساسها عسكرة مجتمع المهاجرين الصهاينة الخزر، وتحريضهم على قتل الآخر، وعلى أساس الهوية لأبناء فلسطين، منذ وجدوا على ارض فلسطين من نهايات القرن التاسع عشر كعصابات صهيونية لتحقيق هدفهم الأساس وفقاً لشعارهم الناظم "ارض بلا شعب لشعب بلا أرض" لتطهير أرض الفلسطينيين العرب من أصحابها الأصلانيين، وللتأصيل لروايتهم المزورة والمتناقضة مع التاريخ والجغرافيا والموروث الحضاري والهوية الفلسطينية العربية.

لكن اللافت للنظر في زمن افتضاح العنصرية الغربية، والكيل بمكيالين بشكل فاضح في الحرب الروسية الأوكرانية، لم تحاول أي من الدول الأوروبية او الولايات المتحدة الأميركية، التي كان وزير خارجيتها، بلينكن موجودًا في إسرائيل الأسبوع الماضي ذر الرماد في العيون، لم يدلِ أي منهم بتصريح رافض لخيار العنصرية الإسرائيلية الصهيونية القاتلة، ولم يطالب بوقف عسكرة المجتمع الإسرائيلي، ووقف عمليات القتل والملاحقة لابناء الشعب العربي الفلسطيني في أرجاء فلسطين التاريخية، بما في ذلك حملة الجنسية الإسرائيلية. لا بل العكس صحيح، فأميركا تقوم بشكل دوري على تقديم الدعم تلو الدعم لتمويل القبة الحديدية، وإنتاج المزيد من المنظومات العسكرية لقتل أبناء فلسطين العرب.

وفجر أمس وأول أمس قتلت قوات الموت الإسرائيلية ستة من أبناء فلسطين في محافظة جنين، واصابت ما يزيد على 15 مواطناً، كما قتلت شابًا من الخليل في بيت لحم، والحبل على جرار الموت الإسرائيلي الصهيوني، وكنت حذرت هنا وسأحذر مجدداً بان حملة الأكاذيب الإسرائيلية من الخشية من ارتفاع منسوب التوتر، ليس سوى تهيئة الرأي العام الفلسطيني والإسرائيلي والعالمي بأن حكومة بينيت سترتكب جريمة بشعة جديدة بحق أبناء الشعب الفلسطيني في الشهر الفضيل وعشية عيد الفطر المبارك، وهو ما يتطلب من القيادات السياسية المختلفة الانتباه للاخطار القادمة تجاه أبناء الشعب بدءًا من العاصمة القدس وإنتهاء باي بقعة من الوطن الفلسطيني، والعمل على تصعيد المقاومة الشعبية لمجابهة التغول الصهيوني الاجرامي.

 

المصدر: الحياة الجديدة