لن أتوقف عن تكرار القول، إن إسرائيل مهما استمر ضخ الأكاذيب فيها من قبل المسيحية الصهيونية أو الصهيونية المسيحية، هي دولة فاشلة بامتياز، ومما يؤكد هذا الفشل، أن المجتمع الإسرائيلي كله هو الفاشل الأكبر، لأنه منذ محاولات خلق إسرائيل القديمة سمح للاعبين الكبار الذين كانوا يخوضون حروباً كبرى ويعطون للشعوب الصغيرة المستخدمة كأداة في تلك الحروب أسماء جديدة مثلما أعطى الخزر في وسط آسيا اسم الإسرائيليين أو اليهود، حتى أن إسرائيل نفسها، كانت الدعوة لإنشائها غير يهودية وغير إسرائيلية بالمرة، وهم حتى اليوم يعيشون مرة في القمة ومرة في القاع بسبب استمرارهم في لعب دور الأداة بالمطلق كما حدث في عهد دونالد ترامب وقبله الرؤساء الأميركيون الذين أقمنا حوارات مع الإسرائيليين تحت إشرافهم وتحت وصايتهم، فقد عمل أولئك الرؤساء الأميركيون على إفشال الفرصة وتخييب الآمال، وعدم إعطاء عملية السلام أية جرعة ولو صغيرة من الحياة.

كنت في الأيام الأخيرة أتصفح الكتاب الجريء جداً للكاتب والمؤرخ اليهودي إيلان بابيه، وهو من أهم ما يعرفون في إسرائيل بالمؤرخين (الجدد) وهو بروفيسور حاول أن يفضح الخرافات العشر التي قامت على قواعدها إسرائيل، بجهد كبير واستثمار متواصل من دول الصهيونية المسيحية التي كذبت علناً على الله وعلى شعوبها وعلى الإسرائيليين أنفسهم أكاذيب كبرى ومنها كما يصنفها إيلان بابيه:

1. الكذب والادعاء بأن فلسطين قبل أن يأتي إليها المشروع الصهيوني كانت أرضاً خالية.

2. أن اليهود كانوا شعبا بلا أرض.

3. أن الصهيونية هي اليهودية.

4. أن الصهيونية ليست حركة استعمارية.

5. الفلسطينيون غادروا وطنهم فلسطين عام 1948 طوعاً.

6. أن حرب يونيو عام 1967 كانت حرباً لا بد منها.

7. أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة الديمقراطية في الشرق الأوسط.

هذه الخرافات العشر، صنعتها من الألف للياء، الصهيونية المسيحية، والتي توجتها بأكبر أكذوبة على الإطلاق، وهي أن عودة اليهود إلى وطنهم مقدمة ضرورية لعودة المسيح إلى الأرض ثانية، وكأن أنصار الصهيوينة المسيحية كانوا، صادقين بادعائهم بأنهم مسيحيون أو يهود!

خلال تصفحي لكتاب إيلان بابيه، كنت أتابع الأحداث اليومية في حي الشيخ جراح في القدس أو بقية المناطق الفلسطينية، وأرى بأم عيني مدى الانحطاط الحضاري والأخلاقي لدول الصهيونية المسيحية، حتى الأحداث اليومية، التي تحدث على مدار الساعة والدقيقة، فإنها تحدث وسط صمت غريب وشاذ، كأن دول الصهيونية المسيحية، أرواحهم مستلبة منهم، وأنبياؤهم هم في الوقت نفسه أعداؤهم، وكأن حقوق الإنسان التي يتاجرون بها ليس لها مكان لا في قلوبهم ولا في محاكمهم، وأن كل رئيس فيهم يلعب في الوقت نفسه دورين متناقضين، دور إله الرحمة ودور شيطان الشر المطلق، وانظروا بالله عليكم إلى الفلسطيني محمد الملا يطلق عليه جنود الجيش الإسرائيلي ليس الرصاص فقط، بل يطلقون عليه أيضاً كلابهم البوليسية المدربة حتى تنهش لحمه قبل اعتقاله.

و أين العجب؟

أليسوا هم القائلين، الفلسطيني الجيد هو فقط الفلسطيني الميت، أليسوا هم القائلين، حتى الطفل الفلسطيني اقتله حتى لا يصبح كبيراً ويقتلك، وكلام كثير من هذا النوع يقتبسونه من العهد القديم، وكأن البشر في هذا العالم كلهم أغبياء ولا يستطيعون أن يميزوا بين الله والشيطان.

يا أيها الفلسطينيون، بشرى لكم إنكم على حق، لأنكم من خلال وجودكم ونضالكم ووحدتكم التي تتسلحون بها وعبثية غرابة أطوار كل الخائنين، فإنكم تنطبق عليكم كل الأحاديث القدسية التي تقول "إن لله رجالا إذا أرادوا أراد".

المعركة مستمرة، المعركة شاملة، حتى يظهر الحق ويزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً.

 

المصدر: الحياة الجديدة