منصور عباس الإخواني، المتحالف مع المستوطن بينيت وافق على قانون "يهودية الدولة"، ولتوضيح الأمور للقارئ، فإن القائمة العربية الموحدة التي يتزعمها منصور، تمثل الحركة الإسلامية الجنوبية، وهي جناح جماعة الإخوان المسلمين في إسرائيل، وهي منذ بداية الصيف الماضي جزء من الائتلاف الحكومي الإسرائيلي. وإن أحد الشروط أن تكون هذه الحركة ومنصور جزءا من هذا الائتلاف ألا يتفوهوا بكلمة عن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وأن يصمتوا على كل إجراءات إسرائيل من استيطان، وتهويد، وارهاب المستوطنين، وهدم المنازل، وكل ممارسات جيش الاحتلال في الضفة الفلسطينية، والقدس المحتلة، وحتى عما يجري من اعتداءات ممنهجة على المسجد الأقصى المبارك، وعما يتواصل من اعتداءات عنيفة على جماهير شعبنا، وحصارها في قطاع غزة.

آخر تهافت لمنصور الإخواني وقائمته والذي يبلغ درجة الخيانة العظمى، أنه وافق على قانون "يهودية الدولة"، وهو القانون الذي يحصر الحق في فلسطين لليهود فقط، بمعنى أن لليهودي وحده حق تقرير المصير على أرض فلسطين، وطن الشعب الفلسطيني التاريخي، والاعتراف بهذا القانون والموافقة عليه تعني أيضًا التنكر التام للحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة، بما فيها تلك المستندة للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وإنكار تاريخ الشعب الفلسطيني الذي لا امتداد له في التاريخ سوى امتداده على أرض فلسطين، وعمره آلاف السنين.

لم يفاجئني هذا الإخواني منصور عباس كونه يقدم نفسه بأنه صهيوني أكثر من الصهاينة، وعلى من تفاجأ أن يتذكر أن جماعة الإخوان المسلمين والصهيونية العالمية كانتا تعملان جنبًا إلى جنب خلال الحرب الباردة في الستينيات والسبعينيات وحتى نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، وبتنسيق كامل مع وكالة المخابرات الأميركية "CIA" ضد الاتحاد السوفييتي، وما يمثله حسب رأيهم من خطر شيوعي. ولا ننسى أن جماعة الإخوان لطالما أرادت أن تتوصل الى صفقة شاملة مع الصهيوتية العالمية، لتقبل هذه الأخيرة بالجماعة شريكًا وحليفًا لها في الشرق الأوسط وفي العالمين العربي والإسلام.

ومما يؤكد ذلك فإننا لم نسمع بتصريح واحد من جماعة الإخوان وفروعها، وحتى فرعها الفلسطيني حماس، يدين أو يستنكر مواقف منصور وحركته الإسلاموية المتملقين للصهيونية. ولمن يدقق بآليات وهيكليات هذه الحركة، يلاحظ أنها النسخة الاسلاموية من الصهيونية، سواء من الناحية السياسية ومبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" كما أنهما بالأساس حركات مالية واستثمارية ضخمة وهما من الناحية الايديولوجية، حركات تستخدم الدين لتحقيق أهداف سياسية.

الصيغة الائتلافية التي قبل فيها منصور، هي عمليا تقديم أوراق اعتماد لجماعة الاخوان لتشكل صيغة تحالف صهيوني اخواني تعتمد على أن "فلسطين يهودية" مقابل السماح للاخوان بمشاركة الصهيونية العالمية في الشرق الأوسط، أليس هذا أبشع أنواع التطبيع وأكثرها خطورة...؟؟ أليس هذا إذعانا بأن تكون اليد الطولى للصهيونية في المنطقة، مقابل القبول بدور الإخواني الخادم؟ وهنا علينا ان نتذكر أيضا كيف كانت جماعة الاخوان أداة الأنظمة العربية المحافظة في مواجهة الأنظمة القومية، وتحديدًا نظام الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وكيف كانت احدى أدوات الولايات المتحدة في محاربة "الخطر الشيوعي" والاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي، وكانت أداتها لمواجهة التدخل السوفييتي في أفغانستان.

والأخطر من ذلك كله، فجميعنا عايش دور الجماعة خلال "ثورات الربيع العربي" وهو الدور الهدام الذي أدى إلى تفكيك العديد من الدول العربية، وإضعاف الأمة العربية بشكل عام، والتي باتت معها الأمة مستباحة من إسرائيل، والدول الإقليمية الاخرى. من هنا فإن صيغة منصور- بينيت هي الصيغة التي قد تعمم على كل المنطقة، وجوهرها التنازل عن فلسطين مقابل الشراكة الأوسع في الشرق الأوسط.

علينا ألا نستهين أو نقلل مما يقوم به منصور، وهو لا يدخل في باب التكتيك والشطارة السياسية، انه تنازل تاريخي، وبيع علني لفلسطين بموافقة حركته الإسلاموية على قانون "يهودية الدولة"، والخطورة هنا أن هذا التنازل يأتي من طرف يدعي أنه ممثل للإسلام، هذا الرجل وحركته يجب أن تحاسبهم جماهيرنا الفلسطينية داخل الخط الأخضر وتنبذهم ليصبح معلوما للجميع بأنه لا يمثل حتى عشرات من الشعب الفلسطيني.

منصور الإخواني الصهيوني بامتياز مصيره مزبلة التاريخ لأن فلسطين لن تكون إلا عربية وهي الوطن التاريخي للشعب الفلسطيني وهذه الحقيقة لن يستطيع منصور تغييرها كما لم تستطع الصهيونية بجبروتها تغييرها.

 

المصدر: الحياة الجديدة