"ما دام سيادة الرئيس محمود عباس يرفض الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية أو دولة ليهود العالم فنحن على استعداد لهذا الاعتراف مقابل منحنا ضمانات بالاستمرار في تمكيننا وتعزيز نفوذنا وسيطرتنا في فلسطين وفيما تبقى لنا في بلدان عربية". ...!!!

هذا ما نعتقد أنها الرسالة غير المباشرة التي قدمها منصور عباس (الصهيو- اخواني) الناطق بالضاد، النائب في كنيست منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري الإسرائيلي، فهذا الرأس المتقدم في صفوف فرع فلسطين لجماعة الإخوان المسلمين، ما كان ليطرح الإقرار بإسرائيل دولة يهودية لولا حصوله على ضوء أخضر من رأس هرم تنظيم جماعة الإخوان المسلمين.

وقد لا نبالغ إذا قلنا إن هذا المهزوم وطنيًا وفكريًا وثقافيًا وتاريخيًا قد قدم هذا الإقرار نيابة عن كل الجماعة وفروعهم بما فيها الفرع الأقوى والمسلح المسيطر على قطاع غزة المسمى حماس، وفروعهم التي انخرطت حتى النخاع في عملية التطبيع مع المنظومة العنصرية .

يقدم منصور عباس أوراق اعتماد لمنظومة باتت في نظر الغالبية العظمى من شعوب وحكومات ودول العالم نظامًا عنصريًا استعماريًا، ليس لتأكيد التوأمة بين الجماعة ومنظومة الصهيونية العنصرية وحسب، بل لحاجة التوأم الإخواني المتأسلم في هذه اللحظات الى دعم التوأم الصهيوني كرافعة امنية وسياسية ودعائية أمنية أيضًا، تعين الجماعة على تجاوز انكساراتها ولأم شروخها وانقساماتها، ومساعدتها على ايقاف مسلسل انهياراتها لدى الجمهور العربي والإسلامي، وإسنادها لاستعادة مواقع خسرتها في سدة الحكم في دول عربية رئيسة ومهمة ومؤثرة في مشرق الوطن العربي ومغربه،  فالجماعة بواسطة منصور عباس– تعمدوا  الذهاب الى ابعد مما ذهبت اليه انظمة عربية في عملية التطبيع، من حيث الموافقة على المرفوض وطنيا وفلسطينيا بالمطلق، والمرفوض أيضًا لدى الأحرار والتقدميين في العالم، والمرفوض من حيث المبدأ لدى أي شخص او حزب ديمقراطي، مقابل الحصول على دعم امني وسياسي وإعلامي لا محدود، يمهد لهم السبل والطرق المؤدية الى البيت الأبيض– حسب تقديراتهم– خاصة بعد رؤيتهم (القاصرة) لكيفية تعامل الادارة الأميركية مع طالبان افغانستان، والثابت في منظورهم السياسي بأن الحزب الديمقراطي الأميركي مساند لجماعات إسلاموية  يصفها بالوسطية، ما يعني انهم بهذه الاقرار يجسون نبض ادارة بايدن لاستبيان موقفها منهم، وتلمس امكانية استمرار السياسة الأميركية نحوهم.

الإقرار من فلسطيني (...!!!)  في كنيست إسرائيل بأنها دولة يهودية  خطير جدًا رغم تأثيره المحدود جدًا على الوعي الوطني الفردي والجمعي للشعب الفلسطيني، خطير جدًا من جهة باعتباره محاولة لنسف مبادئ حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، التي ثبتت أن الشعب الفلسطيني يخوض كفاحًا ونضالاً مشروعًا لاسترداد أرض وطنه، وانتزاع الحق التاريخي والطبيعي من سارقه. والأخطر أن يروج لمفاهيم ومقولات الخرافة الصهيونية بأن فلسطين ارض اليهود الموعودة، وبان اليهودية قومية، ما يمنح اسرائيل مشروعية تمثيل اليهود في العالم، وبالتأكيد فإن الصهاينة سعداء الآن بأن وجدوا توأمهم يجاهر بقناعته بإمكانية نشوء الدول على اساس الانتماء الديني، أي تحويل الدين الى قومية ودولة، وهذا كما نعلم ونعرف مذهب جماعة  الإخوان المسلمين، وكل مشتقاتهم الارهابية التي خرجت من رحمهم.. فالاخوان المسلمون معنيون بالترويج لاسرائيل اليهودية، لتثبيت تعاميمهم بخصوص الدولة الاسلامية، وللمضي قدما في مخادعة الجماهير المؤمنة بالاسلام، بأن الصراع بين دولة اسلامية ودولة يهودية ارتكاز على مفاهيم وتعاميم مقولات وخطابات وضعت بقلم صهيوني ليلقيها ويتلقنها عربي مسلم، وبالمختصر المفيد هي التمهيد للحرب الدينية التي تروج لها منظومة الارهاب العنصري (اسرائيل) بالتنسيق مع مجموعات متطرفة تغلغلت في صفوف المجتمع الأميركي، تروج لمقولة المعركة الفاصلة (هارمجيدون) في فلسطين.

نرى إقرار منصور عباس سقوطًا جديدًا لجماعة الإخوان الى قاع بلا نهاية، وسيكون هذا المشهد حقيقة واقعة عندما تلفظ الجماهير الفلسطينية هذا اللسان والدماغ (الصهيو- إخواني) للأبد وتسقطه نهائيا من قائمة ممثلي الشعب الفلسطيني، ونراه توجها خطيرا قد نشهد آثاره العملية قريبًا على الأرض، ما لم يسارع الكل الوطني في كل فلسطين التاريخية والطبيعية الى قطع الطريق على كل من يفكر بالمقامرة بمصير الوطن والشعب الفلسطيني، وسنتأكد بأن رؤيتنا للأمور صحيحة، اذا صمتت  قيادة  جماعة الاخوان ورؤوس فرعها في فلسطين المسمى حماس وتعاملت مع الأمر بأنه مجرد اجتهاد خاطئ، أو حتى لو أصدروا بيانات استنكار وما شابهها.

 

المصدر: الحياة الجديدة