هل رأيتم صورة الأسير مقداد القواسمي المؤلمة التي يبدو فيها جلده ملتصقًا بعظامه، ماذا لو حملها كل سفير فلسطيني ووضعها على طاولة وزير خارجية الدولة التي يمثل فلسطين فيها؟!، ويستكمل واجبه فيطوف بها أركان الوزارة ليراها صناع القرار في السياسة الخارجية؟!  
هل يدرك الطلاب الفلسطينيون الدارسون في جامعات العالم أي انجاز وطني سيحققونه إذا وضعوا صورة الأسير ذاتها على مقاعدهم الدراسية، أو يطوفون بها في أقسام دراسة القانون والعلوم السياسية، فلعلها تحرك ضمائر طلبة الجامعات في العالم، بعد أن يعلموا أن هذا الفلسطيني الحر ما وصل إلى هذا الحال من مجاعة أو فقر، وإنما لأنه إنسان مشبع بالكرامة  لكنه جائع للحرية، بسبب ظلم منظومة الاحتلال الاستعمارية العنصرية المسماة (دولة إسرائيل) وسيكون جيدًا لو تقصدوا وضعها في منظور طلبة ومواطنين يهود في تلك البلدان فلعلها تذكرهم بصور أجدادهم في معتقلات النازية الهتلرية، ويعلمون أن (إسرائيل) التي يدعي حكامها أنها تمثلهم، وأنها واحة الديمقراطية في صحراء الدكتاتوريات في المنطقة ما زالت تستحضر تلك الجريمة لكن الضحايا مواطنون فلسطينيون، لا يفكرون بالمفاضلة بين الحرية والحياة في الأسر أو الخضوع لتوحش العنصرية، فأخذتهم وسيرتهم طبيعتهم الإنسانية التي فطروا عليها فاختاروا (الحرية) أقدس معنى في الحياة ورفضوا العبودية وردوها إلى ناظمي قوانينها، والمتوغلين في تطبيقاتها حتى أصابت كل عائلة فلسطينية، فأردت بسلاح الحرب والإرهاب أبًا أو أمًا أو أخًا أو أختًا، أو رضيعًا، أو طفلاً، أو شابًا، أو كهلاً، أو عائلات بأكملها رُفعت أسماؤها من سجل الأحياء. 
نناضل من أجل الحرية للأسرى ولنا، في المحافل الدولية القانونية والحقوقية، ونناضل في الميادين بمقاومة شعبية سلمية، لكن علينا إبداع الوسائل البسيطة المباشرة غير المكلفة للوصول إلى وجدان المؤمنين بالحرية والحقوق الطبيعية والإنسانية والسياسية، فشعوب العالم اليوم في جاهزية أكثر من أي وقت مضى للتفاعل مع قضايا الحق مادامت عادلة، وللشعوب قدرة ضغط  لا محدودة على حكوماتها حتى وإن كانت بطيئة، وهنا يكمن دورنا بألا ندعها تقف بلا نتائج، يجب تحريكها باستمرار بمنهج تخطيط علمي، وإلا ما معنى الافتخار بالشخصية ما لم تبدع انتصارا لأم القضايا.  
لا تكلف صورة الأسير القواسمي ومثله الأسرى : كايد الفسفوس المضرب عن الطعام مع رفيقه القواسمي منذ (113 يومًا)، وعلاء الأعرج منذ (88 يومًا)، وهشام أبو هواش منذ (77 يومًا)، وعياد الهريمي منذ (42 يومًا)، ولؤي الأشقر المضرب منذ (24 يومًا) إلا وقوفا بصبر وثبات وإيمان بالقضية، فلعل المسافرين بعشرات الآلاف يوميا عبر محطات المترو يلمحون، فيقفون، فيفكرون بما حل بأجساد هؤلاء الأبطال  الفلسطينيين، ويضعون علامة ألف علامة استفهام على السبب والمتسبب، وبعدها ألف علامة تعجب، عندما يعرفون أن المتسبب مرتكب الجريمة يفعلها من الدعم المحول لمنظومة هذه العنصرية الفاحشة من أموال ضرائبهم، هذا ما يجب أن يعرفه المواطن الأميركي والبريطاني والألماني والفرنسي وكل مواطن تدعم دولته منظومة الاحتلال والاستيطان والتطهير العرقي (إسرائيل العنصرية) ومن المهم أن يعلموا أيضًا أننا لا نتجنى ولا نتهم، فقوانين هذه المنظومة المقرَّة في الكنيست، ونظامها القضائي المتواطئ مع الأمني الإرهابي تدينها، أما المآسي والآلام والنكبات والجراح النازفة وصور المجازر السابقة واللاحقة والحالية، فإنها الشواهد الحية على أن الضحية إنسان ابن إنسان، من سلالة شعب شعّت مناراته الحضارية في اتجاهات الأرض الأربعة، يكفيه فخرا أن خلق من تراب الأرض المقدسة.

 

المصدر: الحياة الجديدة