لطالما ما زال العالم يدير ظهره لغطرسة إسرائيل، وسياساتها العنصرية العنيفة التي تواصلها بتوغل فاحش، ضد شعبنا الفلسطيني، وأرض وطنه، وضد قضيته العادلة وأهدافه وتطلعاته المشروعة ، لطالما سيظل العالم على هذه الحال، سنشق مزيدا من دروب المقاومة المشروعة، وسنكون في كل ساحات العمل السياسية والدبلوامسية  لأجل تفعيل قرارات الشرعية الدولية  سعيًا وراء الحل العادل، وتحقيقًا للسلام الممكن، وسنمضي في كل دروب الحياة، وبالواقعية النضالية التي تؤكد أصالة الثبات والصمود الوطني الفلسطيني، وفي السياق ذاته الذي سنواصل فيه الطرق على أبواب الضمير الإنساني، كي يصحو قليلاً، وينظر ما الذي تفعله العنصرية المتوحشة بآيات الخلق الجميلة، وما ترتكبه من جرائم ضد الإنسانية حتى إنها باتت تعبث بالقبور، وتنتهك حرمتها بنبشها، وتشريد عظام الموتى بين خرائط شهواتها الاستيطانية...!!

لا ينبغي لأحد في هذا العالم أن يظل ساكتًا بعد الآن، إذا ما رأى صورة أم علاء نبابتة، وهي تلقي بجسدها على قبر ابنها في مقبرة اليوسفية في القدس المحتلة، لتحميه من جرافات الاحتلال التي تريد طمسه،  ومحو آثاره لصالح حديقة (...!!) توراتية (...!!) كجزء من مشروع استيطاني حول أسوار البلدة القديمة، في المدينة المقدسة، أية حديقة هذه يمكن أن تكون باسمها ومعناها وغاياتها، وهي تنهض على رفات الموتى وقبورهم المحطمة..؟؟ أية قيم سماوية تسمح بذلك، وهي التي حرمت بالمطلق نبش القبور..؟؟ ما من زهور ستتفتح هنا، ولا فضاءات لأية فسحات لتزجية الوقت، فأرواح موتانا، وشهدائنا ستظل تطوف في أمكنتها، وسيكون لها حضور المظلمة الكبرى التي لن تتفتح معها أية معان للزهور ولا أية معان للحديقة...!!

إنهم يلاحقون الموتى في قبورهم فأية أخلاق هذه للمحتلين، أية عنصرية هي عنصرية الاحتلال هذه التي لا تراعي أية حرمة للموتى..!! على العالم أن يتحرك اليوم لوقف هذا التدنيس للقيم الأخلاقية، السماوية والأرضية، كي لا نرجمه إن لم يتحرك، بما قال الشاعر العربي " لقد أسمعت لو ناديت حيًا، ولكن لا حياة لمن تنادي" فهل يقبل العالم بضميره إن لم يسمع، أن يكون هو هذا الميت ..؟؟

المصدر: الحياة الجديدة