بعد أكثر من ثلاثة وسبعين عامًا على النكبة مازالت الملاحم الأسطورية لشعبنا الفلسطيني تتواصل على طول فلسطين وعرضها وبمختلف الأشكال والوسائل التي يجترحها شعبنا كل وفي وفي كل لحظة نقول إن هذه القضية تعود في كل مرة لتفرض نفسها على العالم بشكل أكثر قوة من سابقاتها، فما يحدث في أصقاع المعمورة من حملات تضامن ومساندة لشعبنا هذه الأيام ليس حالة عاطفية عابرة بل هو تأييد حقيقي للحقوق الفلسطينية وهو تعبير أوضح لحقيقة البعد العالمي والإنساني لهذه القضية، وما نراه في الولايات المتحدة الأميركية لهو أكبر دليل بأننا نشهد تحولاً تاريخيًا وواقعًا جديدًا ومختلفًا عما عهدناه سابقًا فوسائل التواصل الحديثة أحدثت الكثير في حياة الشعوب وأظهرت الحقيقة جلية واضحة، ولم يعد بمقدور أي من امبراطوريات الإعلام المسيطر عليها إسرائيليًا وأميركيًا توجيه الرأي العام العالمي وفق مصالحها، ويستطيع الآن أي انسان بلحظة معرفة ما يجري في أي بقعة من هذا العالم وبرغم الجهود الكبيرة لمحاولة السيطرة والتحكم بهذه الوسائط إلا أن الأمر قد خرج عن السيطرة ولم يعد بمقدور أحد إيصال فقط الرسائل التي يريدها.

من هنا يظهر لنا هذا الواقع المختلف صعوبة تحقيق إسرائيل لأهدافها وسهولة فرض روايتنا على العالم وقدرتنا على تحقيق أهدافنا نحن، فهذا الدم الساخن الذي يسيل بغزارة في ربوع فلسطين قادر على إيقاف كل قوى العدل والحرية للنهوض وقول كلمتها عاليًا ما سيكون له أثر كبير في قدرة اسرائيل في فرض ما تريد على الشعب الفلسطيني. بمعنى آخر سيكون من الصعوبة بمكان استمرار اسرائيل في إجراءاتها وبطشها في الشعب الفلسطيني ما يعني في نهاية المطاف تسليمها بحقيقة هذا الشعب وضرورة الاعتراف بحقوقه.