أدانت منظمة التعاون الإسلامي بأشد العبارات، الاعتداءات المتكررة التي تقدم عليها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس الشريف وعموم أرض دولة فلسطين المحتلة، وتحديدًا الاعتداءات التي تصاعدت منذ بداية شهر رمضان الكريم واستهدفت المواطنين في القدس ومنع المصلين من الوصول إلى الأماكن المقدسة وتأدية شعائرهم الدينية في الشهر الفضيل وأعياد الفصح المجيد، وصولًا إلى الاقتحام الهمجي لقوات الاحتلال الإسرائيلي لباحات المسجد الأقصى ومهاجمة المصلين الفلسطينيين فيه.

جاء ذلك في البيان الختامي الصادر عن الاجتماع الطارئ الافتراضي للجنة المندوبين الدائمين للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، الذي عقد اليوم الثلاثاء في مقر المنظمة بجدة، بناء على طلب دولة فلسطين، لبحث الاعتداءات التي تقوم بها إسرائيل، قوة الاحتلال، في الأرض الفلسطينية، خاصة بمدينة القدس الشريف.

كما أدانت "منظمة التعاون الإسلامي" مواصلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي لبرنامجها الاستعماري في بناء المستعمرات والسعي إلى الاستيلاء على أملاك الفلسطينيين بالقوة وتهجيرهم قسراً من أرضهم، وتحديداً ما يتعرض له سكان مدينة القدس في أحياء الشيخ جراح وسلوان وكافة أحياء القدس الشريف، التي تعتبر انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني.

وأكدت أن هذه الاعتداءات تأتي في سياق سياسات متواصلة وممنهجة لسلطات الاحتلال، تسعى من خلالها إلى تغيير الوضع التاريخي والقانوني لمدينة القدس الشريف وأرض دولة فلسطين المحتلة، وتمهد لتنفيذ سياسة الضم والتوسع الاستعماري، بما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة ويهدد الأمن والسلم الدوليين، ويقود الجهود الدولية لخلق مناخ مناسب لإطلاق عملية سياسية ذات مصداقية.

وأدانت العدوان الواسع للاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في كافة أرجاء الأرض الفلسطينية المحتلة، وتحديدا القصف الهمجي الذي تعمد استهداف المدنيين في قطاع غزة المحاصر، وأدى إلى استشهاد وجرح عدد كبير منهم، وسقوط عدد كبير من الأطفال الأبرياء ضحايا لهذا القصف، داعية الدول الأعضاء إلى التحرك العاجل على كافة الأصعدة الدولية، بما في ذلك في مجلس الأمن، لإدانة استهتار الاحتلال الإسرائيلي المتكرر بحياة المدنيين الفلسطينيين وتعمد استهدافهم وقتلهم بشكل متكرر، والعمل على وقف هذا العدوان ومنع تكراره.

وحملت منظمة التعاون الإسلامي، إسرائيل، سلطة الاحتلال غير الشرعي، المسؤولية الكاملة عن هذه الاعتداءات الآثمة، بما فيها إرهاب وبطش المستعمرين الإسرائيليين ضد المواطنين الفلسطينيين العزل، وما سينتج عنه من تطورات وتداعيات خطيرة؛

ودعت المجتمع الدولي، وتحديداً مجلس الأمن الدولي، إلى الوقوف عند مسؤولياته ووقف العدوان الهمجي على أبناء شعبنا وممتلكاتهم في القدس وعموم أرض دولة فلسطين المحتلة والمقدسات الإسلامية والمسيحية وتوفير الحماية الدولية لهم، ومساءلة إسرائيل عن هذه الجرائم وفرض عقوبات على منظومة الاستعمار والفصل العنصري الذي أنشأته على أرض دولة فلسطين.

وطالبت الجهات الدولية ذات الصلة، بما فيها الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والمفوض السامي لحقوق الإنسان وكذلك المقررين الخاصين، بتنفيذ القرارات والتوصيات الدولية ذات الصلة، وتفعيل الآليات اللازمة للوقوف على هذه الانتهاكات ومساءلة مرتكبها وردعها.

وحملت حكومة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن الأعمال الإرهابية والإجرامية التي يرتكبها المستعمرون الإسرائيليون وميليشياتهم، ضد المواطنين الفلسطينيين العزل بحماية ودعم من جيش الاحتلال، بما فيها الجمعيات والتنظيمات التي تقوم بالاستيلاء على الأملاك الفلسطينية، داعية الدول الأعضاء وكافة الأطراف الدولية ذات الصلة إلى إدانتها واتخاذ ما يلزم من تدابير ضد مرتكبيها والجهات التي ينتمون إليها، بما فيه وضعهم على قوائم الإرهاب الوطنية.

وأكدت أن الجهاز القضائي الإسرائيلي، ومحاكم الاحتلال العسكرية، رأس الحربة في ترسيخ الاحتلال ومنظومة الاستعمار والفصل العنصري في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشريف، وأن كل قراراته ضد المواطنين الفلسطينيين باطلة ولاغية وليس لها أي أثر قانوني.

ودعت  سفراء الدول الأعضاء وممثلي المنظمة إلى التحرك العاجل لدى الدول والمنظمات المعتمدين لديها، وتحديدا عواصم الدول الأعضاء في مجلس الأمن، لنقل صورة الوضع وموقف المنظمة منه، ومطالبها بتنفيذ قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، والوقوف عند مسؤولياتها واتخاذ ما يلزم من إجراءات لمواجهة هذه الاعتداءات ووقفها، من خلال إدانتها والتصدي لها ومساءلة مرتكبيها ووقف التعاطي مع منظومة الاستعمار التي أنشأتها إسرائيل على الأرض الفلسطينية، وعدم التماهي معها، بما في ذلك نقل سفارات بلادها إلى القدس الشريف أو فتح مكاتب تمثيلية فيها، داعية في هذا الصدد الدول التي أقدمت على ذلك إلى التراجع عن هذه الخطوة غير القانونية، وإلى تنفيذ قرارات المنظمة السابقة في  هذا الإطار.

وأعربت عن خيبة أملها من تعاطي بعض الجهات الدولية مع الوضع المتفجر في القدس الشريف على أنه أمر متكافئ بين الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي والشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال، مؤكدة أن موقف القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية واضح بشأن الوضع وبشأن ما يحدث وكيف يجب التعاطي معه، ومساواة المستعمر والشعب الواقع تحت الاستعمار، أمر غير أخلاقي وغير دقيق وغير مقبول ويخلق توازنا خاطئا بين الظالم والمظلوم، ويدلل على عدم وجود جدية لوقف التصعيد، ناهيك عن غياب عملية سياسية ذات مصداقية في الأفق.

وفي هذا الصدد، دعت مجلس الأمن أطراف الرباعية الدولية، بما فيها الأمين العام للأمم المتحدة، إلى التمسك بالمرجعيات الدولية وإدانة إجراءات الاحتلال الإسرائيلي الاستعمارية في القدس الشريف والأرض الفلسطينية المحتلة، بشكل لا لبس فيه، ومواجهة إجراءات العمل الفعلية على الأرض بما فيها من خلال الاستيلاء على أملاك الشعب الفلسطيني وهدم بيوتهم وترحيلهم قسرًا، والاعتداءات المتكررة لجيش الاحتلال وإرهاب المستعمرين، باتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بوقفها، بما يتيح خلق أجواء تؤسس لإطلاق عملية سياسية ذات مصداقية تفضي إلى تفكيك وإنهاء منظومة الاستعمار والفصل العنصري الذي أنشأه الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشريف، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه الشرعية.

وأعربت عن رفضها وإدانتها لأي مواقف وقرارات وإجراءات غير شرعية تسهم في توسيع الاحتلال الإسرائيلي وتغيير الوضع التاريخي والقانوني والسياسي القائم لمدينة القدس المحتلة، باعتبار ذلك انتهاكا صريحا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ويسهم في تقويض الأمن والاستقرار في المنطقة.

 كما أكدت تمسكها بالسلام العادل والشامل، القائم على أساس حل الدولتين وأن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، وفق المرجعيات الدولية المتبعة، بما فيها قرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية لعام 2002، داعية المجتمع الدولي إلى التحرك بشكل فاعل وجاد لتحقيق هذا الحل.

وحيت جهود القيادة الفلسطينية وأبناء الشعب الفلسطيني في كل مكان، الذي يدافع عن حقوقه المشروعة ووجوده على أرض وطنه، وتحديدا في القدس الشريف، عاصمة دولة فلسطين الأبدية، وصون هويتها العربية ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، كما حيت أبناء شعبنا في القدس على وفقهم الشجاعة وتضحياتهم في الدفاع عن المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وأملاكهم في الشيخ جراح وكافة الأحياء في القدس الشريف.

وأكدت أن القضية الفلسطينية والقدس الشريف ستبقى قضية المنظمة المركزية، مجددة وقوفها إلى جانب شعبنا في سعيه لنيل حقوقه غير القابلة التصرف، وعلى رأسها حقه في تقرير المصير وتجسيد دولته المستقلة والعودة.

كما أكدت التزامها بجميع القرارات الصادرة من المنظمة ذات الصلة، وعزمها على مواصلة العمل لدعم شعبنا وحقوقه المشروعة، داعية الدول الأعضاء إلى توفير المساندة السياسية والقانونية والمادية وتوفير كافة أشكال الدعم لصمود أبناء الشعب الفلسطيني في القدس الشريف وعموم أرض دولة فلسطين.

وفي هذا الصدد، حيت منظمة التعاون الإسلامي جهود الدول الأعضاء والأمانة العامة للمنظمة، وتحديدا الجهود المتواصلة للمملكة الأردنية الهاشمية، في الدفاع عن المدينة المقدسة ودعم صمود أهلها، والتأكيد على أهمية الوصاية الهاشمية التاريخية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، ودورها في حماية هذه المقدسات والوضع القانوني والتاريخي القائم فيها، وفي الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية والمسيحية لهذه المقدسات، والتأكيد على أن إدارة أوقاف القدس والمسجد الأقصى المبارك الأردنية هي الجهة الوحيدة المخولة بإدارة جميع شؤون المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف.

وثمنت الدور الذي تقوم به رئاسة لجنة القدس لحماية المقدسات في القدس الشريف، والوقوف في وجه الإجراءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدف تهويد المدينة المقدسة.

ودعت إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس وزراء الخارجية أو إلى اجتماع مفتوح العضوية للجنة التنفيذية على المستوى الوزاري في أقرب الآجال، من أجل استعراض الوضع.

وأكدت منظمة التعاون الإسلامي أنها عقدت العزم على التطرق لهذه الانتهاكات الخطيرة داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك نظرا لعدم توصل الاجتماع غير الرسمي لمجلس الأمن الدولي الذي انعقد في العاشر من شهر أيار الجاري إلى أي نتيجة جوهرية، داعية رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى عقد جلسة طارئة للجمعية العامة لمناقشة هذه التطورات الشنيعة، من أجل وضع حد لهذه الفظاعات التي ترتكب بحق أبناء الشعب الفلسطيني، ولضمان المساءلة عن تلك الجرائم وتوفير الحماية الدولية للسكان المدنيين الفلسطينيين.

وطلبت من أمينها العام دعم جهود ممثلي الدول الأعضاء في نيويورك، من أجل ضمان عقد جلسة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة.

ودعت منظمة التعاون الإسلامي، المجموعة الإسلامية لدى الأمم المتحدة إلى الانخراط إلى جانب بلدان أخرى وتسهيل الجهود الدولية من أجل إنشاء آلية دولية لحماية السكان المدنيين الفلسطينيين، وذلك وفقا للبيان الختامي الصادر عن القمة الإسلامية الاستثنائية السابعة والقرار رقم: ES-10/20 الصادر عن الجمعية العامة بغرض ضمان مصداقية تأمين سلامتهم ورفاههم بطرق عدة، من ضمنها إرسال قوات حماية دولية وضمان المساءلة عن انتهاكات حقوقهم وحرياتهم.

وأكدت التمسك بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إنهاء الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة بعاصمتها الأبدية القدس الشريف، ومواصلة العمل على كل الأصعدة ومع الدول والمنظمات الدولية لتحقيق ذلك.