إن من ضمن الآثار الخطيرة للحروب التي تنعكس على ضحاياها من شريحة الأطفال والشباب - بالإضافة إلى الآثار النفسية والصحية والاجتماعية – هي المتمثلة في المجال التعليمي الذي يعتبر هو صمام الأمان الذي يضمن لهؤلاءالطلبة التوازن النفسي والوجود الاجتماعي في البيئة الجديدة الغريبة عليهم ، حيث انسلخوا عن مجتمعاتهم بطريقة وحشية وقسرية ، مثلما حدث بأطفال وأبناء اللاجئين الفلسطينيين في سوريا إثر الأزمة التي اندلعت منذ مطلع عام 2011 ، رغم التزام الإجماع الفلسطيني هناك بالحياد واتخاذ سياسة النأي بالنفس .
وكان أن تدهور الوضع التعليمي بشكل كبير في ظل عدم وجود خطط وبرامج للحالات الطارئة التي يمكن أن يتعرض لها اللاجئون الفلسطينيون  في دول الطوق سواء في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أم دول الجوار لسوريا  بما فيها المؤسسات الأهلية الفلسطينية والعربية .
ونحن نعلم أن وضع اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا قسراً من سوريا منذ ما يقرب السنتين ، من المفترض أن تُعنى به المؤسسات المسؤولة عنهم مباشرة منذ بداية هجرتهم وأن لا يتم وضع حجج  مفادها أن الأزمة لفترة محدودة ، وهذا لا يبيح التخلي عن مسؤولياتهم تجاه اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من سوريا .
وقد بدا التقصير واضحا ً بدءا ً من المرحلة الابتدائية حتى الجامعية، بسبب وضعهم في ملاجئ على الحدود مثل الأردن؛ أو عدم الوصول لمدارس الأونروا للذين استطاعوا عبور الحدود مثل لبنان بسبب بعد المسافة وعدم قدرة هؤلاء المنكوبين دفع أجرة المواصلات لأبنائهم ، بسبب الظرف البالغ الصعوبة الذي وجدوا أنفسهم فيه من شح ٍ للمساعدات ، وقلة سوق العمل ، ووقوعهم تحت استغلال أرباب العمل في حال وجوده وعلى ندرته ، فلا يتعدى راتبه الشهري ربع ما يتقاضاه الموظف العادي في بلد اللجوء الجديد .
كذلك عانى طلاب المراحل الإعدادية والثانوية والجامعات الأمرين، حيث بقوا تحت سياط القوانين التي لا ترحم ، ولا تضع متسعا ً لنقاش أحوالٍ إنسانية مزرية لهؤلاء الطلبة.
ومن المآخذ على دول الجوار في المجال التعليمي للمهجرين اللاجئين الفلسطينيين أو حتى للذين أصلهم سوري الأصل، هو زجهم في برنامج إغاثي عاجز وبشكل واضح يقتصر على تأمين مساعدات غذائية غير كافية ، تحت حجج عدم الاكتفاء الذاتي لتلك الدول ، وذرائع الأمنيات التي شكلت كل المتاهات والضياع لأولئك الطلاب وذويهم.
وفي هذا السياق نطرح مثال لبنان، التي احتملت قرابة العشر آلاف عائلة فلسطينية لاجئة من سوريا، حيث لم تستطع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تحمل الأعباء بشكل فعلي كونها المسؤول الأول عنهم ، فلم تعالج مشكلة عدم التحاق طلاب اللاجئين الفلسطينيين المهجرين في المراحل الأربع التحضيرية  والابتدائية والإعدادية والثانوية بصفوف مدارسها خاصة خارج المخيمات الفلسطينية في لبنان؛ فقد كانت نسبة التسرب المدرسي من الطلاب الفلسطينيين المهجرين من مدارس الأونروا 75 % للعام الدراسي 2011 – 2012 ، أما في العام الدراسي 2013 - 2014  فقد بلغت 50 %، وفي كلا العامين فالطامة كبرى بالتقصير من قبل المسؤولين ، حيث زادت مسؤوليتهم على هؤلاء الطلبة المهجرين بشكل ٍ أكبر نتيجة تداعيات هذا التقصيرعليهم من آثار نفسية وصحية واجتماعية بالغة .
ورغم ذلك لم تنضب المحاولات من أجل مساعدة طلاب الشهادتين الإعدادية (البريفيه) والثانوية (البكالوريا) من المهجرين الفلسطينيين وتمكينهم من التقدم للامتحانات النهائية وخاصة للعام الدراسي الحالي، سواء في لبنان أو في سوريا، كما فعلت لجنة متابعة المهجرين الفلسطينيين بإدارتها حيث أمنت للمتقدمين للامتحانات السورية خدمة الخروج من لبنان والعودة خاصة بعد القرار اللبناني بمنع دخول اللاجئ الفلسطيني المهجر القادم من سوريا إلى لبنان، وذلك بجهود مشهودة من  السفارة الفلسطينية في لبنان، وكان لذلك صدى إيجابي في الشارع الفلسطيني المهجر من سوريا ،وقد تبنت بعض المعاهد اللبنانية تدريس هؤلاء الطلبة طيلة العام ويذكر منهم مجمع الكنائس الذي بذل جهوداً مشكورة بإدارته ، بتأمين التعليم بكافة مطالبه.
أما الفئة الثانية من طلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية  في المنهاج اللبناني فقد كانت معاناتها مستمرة طيلة العام الدراسي خاصة بعد تمترس وزارة التربية اللبنانية بقرار صادر عنها كاد يفقد أولئك الطلاب تقدمهم للامتحانات النهائية لعدم تمكنهم من تعديل الشهادات السابقة بسبب الشروط القاسية المرافقة للتعديل ومنها دفع غرامة الإقامة وحتى لو تم تأمين مبلغ 225 دولاراً أمريكياً ثمن الغرامة فالأمن العام اللبناني يمنع إعطاء إقامة للاجئين الفلسطينيين المهجرين من سوريا، بالإضافة إلى طلبات تصديق الأوراق من سوريا حيث كانت الصعوبة بمكان عودة الطلاب لسوريا.
لكن اعتراض الطلبة وأهاليهم على تلك الإجراءات وتدخل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان بطلب من لجنة المهجرين قد انعكس إيجاباً على قضيتهم وتم إعفاؤهم من كل الشروط الموضوعة والمعرقلة لتقديمهم الامتحانات النهائية.
ومن العراقيل المقيتة التي اعترضت الطلبة الجامعيين الفلسطينيين المهجرين من سوريا هي الأقساط الخيالية للتسجيل في الجامعات المتوافقة مع اختصاصاتهم ، فلم تبد ِ وزارة التعليم اللبنانية أي مساعدة لهؤلاء الطلاب ولو من نواحي إنسانية، هذا غير القوانين الخاصة بتلك الجامعات التي تفرض على الطالب إعادته للسنة السابقة مما يفقده عاماً دراسيا ً كاملاً، وعندما كان يضطر ذلك الجامعي المغلوب على أمره  لتغيير الفرع العلمي الخاص به طوال السنوات التي كدَّ بها في سوريا لم يجد أمامه إلا فروعاً محدودة تختص فيها الجامعة اللبنانية حيث القسط مقبول جداً على مدار السنة بالنسبة للفلسطيني القادم من سوريا أسوة بالفلسطيني المقيم في لبنان.
ونظرا ً لامتداد الأزمة السورية وتداعياتها على اللاجئين الفلسطينيين فيها ، سواء الذين هجروا داخل سوريا أو خارجها، بكافة فئاتهم وفي كل المناحي دون استثناء ، وخاصة ً أن الأوضاع الأمنية للمخيمات في تدهور وإن بدت في بعض الأماكن أنها بطريقها للحل، كما حصل في مخيم الحسينية الذي صدم بقرارات جديدة صادرة عن الحكومة السورية بدواع أمنية حسبما أعلنت الأخيرة، مفادها دراسة عودتهم لمساكنهم والبدء بتسجيل أسماء العائلات التي تمتلك سند ملكية للمنازل مشروطاً بوجود فواتير البلدية مثل الكهرباء والمياه، والذي يضيق أفق حل عودة كافة اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من سوريا  إليها وخاصة غير المالكين، وبالتزامن مع تدهور الأوضاع الأمنية لباقي المخيمات مثل خان الشيح واليرموك وغيره من المخيمات .
أيضا ما يصدر من بالونات تجريبية دولية سواء من إعلانات لاستقبال لاجئين فلسطينيين على أراضيها وتقديم تسهيلات غير معلنة، أم بتصريحات دبلوماسية  تحكم بأن الفلسطينيين اللاجئين من سوريا قد أسسوا لأنفسهم طريقة حياة وإن كانت صعبة في دول الجوار وخاصة في لبنان مثل تصريح سفيرة بلجيكا بلبنان، والذي تدعو فيه بتمكين الفلسطينيين المهجرين من سوريا لتامين حياتهم في لبنان إشارة ً منها لإبقائهم هناك وعدم عودتهم إلى مخيماتهم في سوريا، وربما اعتمدت هذه التصريحات  على دراسات على المهجرين وإحصاءات معينة قامت بها بعض المؤسسات الإغاثية التي يدعمها الاتحاد الأوروبي في لبنان، وهذا ما أغضب المعنيين بالأمر وهم المهجرون الفلسطينيون الذين تتقاذفهم كل الأمواج ولا قشة ً في الأفق .فإن المطلوب هو التسريع بحل مشكلة التعليم أيضا ً التي تعد بنفس أهمية تأمين احتياجات المهجرين في الأولوية خاصة بعد مرور عامين على تهجيرهم القسري من سوريا  وهذا من مصيبة المصائب أن يحرم الطالب تعليمه كل هذه المدة وخاصة ان قيمة العلم لدى اللاجئين الفلسطينيين في سوريا هي في أعلى الدرجات .
والمطلوب رفع مستوى المسؤولية عن هؤلاء الطلبة بكافة المراحل  ، بدءاً من التحضيري في الروضات للتأسيس للمرحلة الابتدائية حتى المرحلة الجامعية، ووضع برامج عاجلة ومدروسة وعدم تأجيل ذلك تحت حجج أن الأزمة السورية ستحل قريبا ً، فتطبيق هذه البرامج يجب ان يكون مفصولاً فصلاً تاما ً عما ستؤول إليه الأمور في سوريا ، كذلك يجب أن تحل مشكلة طلاب الجامعة  بإنشاء صندوق للطالب يشبه صندوق الطالب الفلسطيني المقيم في لبنان المقدم من الرئيس الفلسطيني أبو مازن وبشروط أفضل من ذلك بل بتحسين حتى شروطه للطالب المقيم .
يجب أن تتسع برامج الإغاثة، حتى تحتمل كل مطالبهم لحين حل مشكلتهم وبما يتناسب مع احتياجات كل الفئات والمراحل والأنواع من أجل تمكينهم من العيش بكرامة وبأحسن الظروف .