دون أيّة مقدمات، لم يعد هناك من مجال للتعامل مع فيروس "كورونا" سوى التعايش مع هذا الفيروس، إلى حين ما يصبح اللقاح المحارب لهذا الفيروس ممكناً، وفي متناول الجميع، وحتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

التعايش بات ضرورة حياة، ولكن طبعًا ليس التعايش الودي، وإنما تعايش الوقاية التي ما زال البعض لا يرى أنها خير من ألف علاج!! وتعايش الوقاية لا يحتاج الكثير، لبس الكمامة،  والحرص على التباعد، وغسل اليدين الذي هو عادتنا اليومية، وأيضًا وللضرورة الحرص على تناول كل ما يعزز جهاز المناعة عند الإنسان، من طعام وفيتامينات.

والتعايش الملتزم باجراءات الحكومة وبتعليمات وإرشادات وزارة الصحة، هو تعايش الإنتاج، وبمعنى إعادة الحياة للدورة الاقتصادية، لتفادي تدهورها نحو خسارات فادحة، الخسارات التي لا يمكن أن تحمد عقباها!! ولا شك أيضًا أن تعايش الوقاية، هو تعايش الألفة التي هي أساس العلاقات الاجتماعية، بحكم ما تحقق من تعزيز لروابط التعاضد، والتراحم، والتكافل، والتواصل المحمول على التسامح والتفهم والمحبة، والألفة كما في أجمل تعريفاتها، أنها من الصفات، والأخلاق الحميدة، وأنها من طبيعة الإنسان السوي.

ولعل الألفة في زمن الجائحة، هي الأكثر أهمية، والأجدى سبيلاً، للتغلب على هذا الزمن، ودحر مقترحاته العدمية التي تستهدف المنظومات الأخلاقية، والأمنية للمجتمعات البشرية أينما كانت، الألفة ضد الفوضى، وضد الشائعات، وضد التفكك والتشرذم، وأنها بلا أيّة مبالغات إنشائية، اللقاح الأنسب أخلاقيًا لدحر زمن الجائحة بمقترحاته العدمية.

ليس ثمة ما لا يستطيعه الإنسان، عدا الخلق طبعًا الذي هو كلمة الله العليا، وتاليًا لن يكون بوسع جائحة "الكورونا" أن تكون قدرًا أبديًا، والإنسان مجبول على التحدي، وهذا ما جعل الحضارات البشرية، تزدهر عمرانا، وعلومًا، وثقافات، وتطلعات.

ونعرف حين الحديث عن التحدي، فإننا نتحدث عن طبيعة فلسطينية، حملت هذا الفعل الإنساني، إلى مقام الأيقونة، والسراج الذي يشع دائمًا بالأمل ويدفع إلى دوام العمل الخلاق والذي لابد أن يكون منه الآن التعايش الذي يتحدى جائحة الكورونا ويمضي نحو دحرها، وهذا ما سيكون بمشيئة الله، أرحم الراحمين.