على الرغم من وجود آلاف الأسماء في لغتنا الغنية إلا أنني أجد نفسي في أحيان عديدة أقضي دقائق وربما ساعات وأنا أبحث عن اسم ملائم ليكون بطلاً لقصتي لأن الاسم يخدم الفكرة ويتفاعل مع الأسلوب ومع اللغة ومع الفضاء الصغير أو الفضاء الكبير الذي يتنفس فيه البطل وكذلك حالي مع اختياري لاسم القصة أي عنوانها واسم المجموعة القصصية أو الكتاب فكم مرة غيرت وبدلت اسم القصة أو اسم الكتاب قبل النشر وكم أعياني ذلك البحث.

جاء في القرآن الكريم أن الله تعالى علم آدم الأسماء كلها وبذلك تفوق الإنسان على الملائكة،  وهذا دليل على أهمية الاسم، منذ بدء الخليقة ودليل على تفوق الإنسان على المخلوقات الأخرى وقدرته فيما بعد على تسمية الأشياء المحسوسة وغير المحسوسة وأن يبدع هذه الأسماء من الطبيعة التي يعيش فيها وتعيش فيه وقد عرف أجدادنا قبل الإسلام أهمية الاسم فمنحوا الاسم الجميل للأنثى من مواليدهم وأطلقوا الأسماء الحسنة على عبيدهم وجواريهم من منطلقات مادية واجتماعية فيما سموا مواليدهم الذكور أسماء قد تبدو قبيحة ليبعدوا عنهم شر الحاسدين وعيونهم التي تفلق الحجر وتعل البشر.

 روي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "خير الأسماء ما حمد وعبد" وفي حديث آخر ما معناه أن من حق المولود على الوالد الاسم الحسن كي لا يعاني من اسم قبيح أو خشن طيلة عمره. وقد عمد العرب القدماء من منطلق التيمن والتفاؤل أن يسموا الأعشى "أبا بصير" والأعور "عينه كريمة" والصحراء القاحلة المخيفة "مفازة" ومن لدغته أفعى وشفاؤه صعب "سليما" إلخ.

كان الشاعر ابن الرومي يتطير من أسماء مثل علقمة وحنظلة ومرة كما أنه تطير من الاسم "إقبال" لأن مقلوبه "لا بقاء" ومن "حسن" لأن فيه كلمة "نحس" ومن جعفر لأنه اختصار "جوع وفقر" كما اعتقد.

هناك أسماء عديدة تخالف أصحابها في الخلق والخلق فكم من "كريم" وهو بخيل ومن "جميل" وهو قبيح ومن "صالح" وهو طالح ومن "صادق" وهو كاذب ومن "مرشد" وهو ضال وضليل ومن "شريف" وهو بعيد عن الشرف والأخلاق. وهذا يذكرني بقادة إسرائيل الذين دأبوا على اختيار أسماء شعرية ورومانسية تتناقض مع مضمونها للعمليات العسكرية العدوانية منذ ما قبل النكبة حتى اليوم فقد سموا العدوان على لبنان "سلامة الجليل" وفي مرة ثانية "عناقيد الغضب" كما سموا العدوان على شعبنا الفلسطيني "الجدار الواقي" و "الرصاص المسكوب" كما سموا عملية "تطهير" مدينة حيفا من العرب في نيسان النكبة "إحراق الخمير".

لا شك بأن الاسم كثيرا ما يشير إلى قومية صاحبه فهناك أسماء خاصة بالعرب وأسماء خاصة بالروس وبالفرنسيين وبالإنجليز وبالإسبان وبغيرهم كما أن هناك أسماء خاصة بالديانات مثل الأسماء الإسلامية والأسماء اليهودية والأسماء المسيحية. وهناك أسماء تعبر عن فترات تاريخية فقد انتشرت أسماء "جمال" و "خالد" و "ناصر" في زمن الرئيس عبد الناصر كما انتشرت أسماء "ياسر" و"عمار" و"عرفات" و"إياد" و"جهاد" في زمن الرئيس ياسر عرفات وصعود الثورة الفلسطينية ولا ننسى أسماء مثل "جزائر" و"صنعاء" و"عدن" و"جميلة" و"رجاء" و"لينة" و"ليلى" التي تذكرنا بثورات وأحداث تاريخية حدثت في أيام ميلادهن.

ومن الجميل أن الفلاح الفلسطيني أطلق أسماء على مواقع الأرض وهذا دليل على حبه لها وتعلقها به.

ولعل خير الأسماء ما سهل لفظه ولاءم صاحبه وحامله شكلاً ومضمونًا.. وأرجو أن تصبحوا على أسماء جميلة وحلوة لفظًا ومعنى وتطبيقًا.