حكومة الوحدة الإسرائيلية، التي ألصقها ترامب من خلال إصراره- ومرجعيتها نتنياهو وغانتس- مهددة بالانهيار والتفكك في أيّة لحظة، وهي التي جاءت لتنهي حالة الإحباط الإسرائيلي الناجمة عن فشلهم في الوصول من وراء انتخابات ثلاث في عام واحد إلى نتائج حاسمة، ولكن رئيس هذه الحكومة التبادلية غير قادر وغير مؤثر وغير صالح للاستمرار، فكل طرف من طرفيها الرئيسين استجاب لضغط دونالد ترامب، ولكن المأزق الشامل والمستعصي الذي يمر به الرئيس الأميركي وهو يقترب حثيثًا من الانتخابات الأميركية في الثالث من نوفمبر/ تشرين ثاني هذا العام 2020، يجعل الوضع في إسرائيل وفي أميركا على شفا هاوية، فكوفيد 19 حتى الآن هو المنتصر في المعركة، والسباق الملتهب لإيجاد لقاح رغم كل الوعود ما زال بعيدًا، وواضح من إعلان جامعة أوكسفورد البريطانية، أن هذا التفوق إن حصل لن يكون من قبل إدارة ترامب، كما أن المعركة الشاملة والحامية ضد العنصرية في أميركا لا تزال في أوجها ولاشك أن ترامب هو المتهم الأول في تأجيجها، والحرب التجارية التي فتحها ترامب بتعمد مع كثير من دول العالم وخاصة الصين لم يحصل خلالها على المجد الذي كان يتوهمه، والقضية الفلسطينية التي هي القضية المركزية للأمتين العربية والإسلامية عاملها ترامب بوعي محدود من خلال صفقة القرن التي أقل ما يقال فيها إنها صفقة تافهة وفاشلة، ونتنياهو الذي حاول جاهدًا أن يقتنص الفرص المجانية لأن صفقة القرن أخطر وأصعب بند من بنودها هو بند الضم للأراضي الفلسطينية، ونتنياهو في وجود هذا الاحتشاد الوطني الفلسطيني الصاعد الذي يقوده رئيسنا ورأس شرعيتنا الفلسطينية الرئيس أبو مازن متلاحمًا مع شعبه في حالة شامخة وعميقة الجذور وشديدة الفاعلية، وبالتالي فإن نتنياهو خائف إلى حد الذعر من أن ينتهي الأمر كله بجعله يدفع الثمن، لأن الاحتشاد الفلسطيني هو حجر الزواية، وهو العامل الأول لامتداد عربي وإسلامي ودولي، ولأن صفقة القرن كانت عبارة عن تصور صبياني، ونتنياهو اعتمد عليها كليًا وبشكل رئيس، إن ماتت الأرض تحت قدميه وسقط، فما ينتظره أشد من الموت، ولذلك يواصل تصريحاته الخرقاء كالخائف الذي يمشي في العتمة فيحاول أن يطمئن نفسه بمزيد من الصفير، لأن عالمه لا يزال قائما على الافتراضات والأوهام، فهو يريد أن يأخذ الجولان السوري مقابل مستوطنة رمات ترامب التي بناها في الجولان هدية لترامب، ما هذه السخرية؟

الاحتشاد الفلسطيني بدأ يتشكل من البدايات ضد صفقة القرن وأختها المشتقة منها وهي خطة الضم، والحسابات القلقة ليست بسيطة، فهناك قوى لا بأس بها في إسرائيل متخوفة من هذه الخطة الخرفة والعدوانية ونظرًا لعمق القضية الفلسطينية، فإن هبة من طلع الأزهار قد تشعل أكبر الحرائق، معتادون على ذلك، وليست الأمور بسيطة كما يتخيلها المطبعون، فهؤلاء حين يحترقون لن تبكي عليهم حتى أمهاتهم.