ببالغ الحزن والأسى، ينعى إعلام حركة "فتح" - إقليم لبنان إلى جماهير شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات وإلى أمتنا العربية وجميع أحرار العالم المناضلة الأسيرة المحرّرة تيريزا هلسة (أم سلمان)، التي وافتها المنية اليوم السبت 28-3-2020، عن عمر يناهز 65 عامًا بعد صراعٍ مع المرض لم يثبط عزيمتها أو يثنها عن مواصلة النضال.


ترحل عنّا اليوم فدائيّة عربيّة أردنيّة مسيحيّة حملت فلسطين في قلبها وجسّدت أسمى صُوَر التضحية والفداء في وجه الاحتلال الإسرائيلي الغاصب دفاعًا عن الحُرّيّة والكرامة العربية، إذ انضمّت إلى الثورة الفلسطينية في صفوف حركة "فتح" ما إن تفتّح وعيها بعد أن رأت معاملة جنود الاحتلال لأبناء شعبنا الفلسطيني، وهي التي وُلدت وترعرعت في فلسطين وتأثّرت بالظلم الواقع على شعبنا وقضيّته، وآمنت بأهمية العمل النضالي وسيلةً لدحر الاحتلال واستعادة الحرية.


لقد شكّلت المناضلة تيريزا هلسة بعطائها المتفاني وعملها المخلص لفلسطين والتحاقها بالعمل الفدائي العسكري في الصفوف المتقدّمة مثالاً يُحتذى للمرأة المناضلة الشريكة في ميدان المقاومة والفداء، وهي التي انخرطت في مجموعة أيلول الأسود، وكانت واحدة من بين أربعة فدائيين من حركة "فتح" شاركوا عام 1972في اختطاف طائرة كانت تقلع من مطار بروكسل في بلجيكا وعلى متنها 140 إسرائيليًّا، وتوجيهها إلى مطار اللد في فلسطين المحتلة، للمطالبة بإطلاق سراح معتقلين أردنيين وفلسطينيين، فهاجمت الطائرة فرقة مختصة من القوات الإسرائيلية الخاصة تخفّت بهيئة الصليب الأحمر الدولي، ولكنّ هلسة تمكّنت من إطلاق النار وإصابة رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو بالكتف وكان آنذاك أحد ضُبّاط القوات الإسرائيلية. وعلى أثر العملية التي استشهد فيها الفدائيّان المشاركان اعتُقِلت الفدائية ريما عيسى، والمناضلة هلسة التي لم تكن قد تجاوزت السابعة عشرة من العمر، وحكم عليها الاحتلال الإسرائيلي بالسجن المؤبّد مرّتين وأربعين عامًا، قضت منها 10 سنوات، إلى أن حرّرت بصفقة التبادل التي قادتها حركة "فتح" عام 1983.


لقد آمنت هلسة بدور المرأة الكبير في مسيرة التحرير والمقاومة، وبأهمية تقدّمها الصفوف إلى جانب الرجل في ميدان الفداء والنضال، مُسطّرةً بتجربتها الخاصة أسمى مثال على ذلك. وبعد تحرُّرها من معتقلات الاحتلال، واصلت عطاءها النضالي المخلص، وتولّت مهمة مسؤولة ملف الجرحى على الساحة الأردنيّة، فلم تدّخر جهدًا من خلالها في سبيل خدمة الجرحى والأسرى الأبطال دون كلل أو ملل، حتى وافتها المنيّة.


إنَّ المناضلة تيريزا هلسة وإن كانت تغادرنا اليوم جسدًا، فإنَّ مسيرتها النضالية ستبقى حيّة أبدًا في قلوبنا وعقولنا ونبراسًا تهتدي به الأجيال في درب التضحية والكفاح.


وبهذه المناسبة الأليمة نتقدّم في إعلام حركة "فتح" - إقليم لبنان إلى عائلة المناضلة وإلى الشعبين الأردني والفلسطيني بأصدق مشاعر المواساة، سائلين لروحها الرحمة والسلام، ولنا ولذويها وجميع محبّيها من بعدها العزاء والسلوان وعظيم الفخر.


المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
وإنَّها لثورةٌ حتّى النّصر

إعلام حركة "فتح" - إقليم لبنان
2020-3-28