ليست نظرة تشاؤمية، وإنّما نظرة الحذر وقراءة الاحتمالات والسيناريوهات التي قد نواجهها بعد أشهر من وباء الكورونا. المثل الشعبي، "خبّي قرشك الأبيض ليومك الأسود"، لم يأت من فراغ فهذه الجائحة ليست الأولى ولا الأخيرة على البشرية، والمقصود بالمثل، الدولة والأفراد لأن مواردنا محدودة جدًّا.
لقد نجحت الحكومة حتى الآن في إدارة أزمة الكورونا، وأعتقد أنها تدرك المخاطر الاقتصادية والاجتماعية القادمة، فهذه القيادة وهذه الحكومة هي قبل كل شيء قيادة حركة تحرر وطني أولوياتها الإنسان الفلسطيني، ولأن القيادة كذلك فقد تصرفت بسرعة وبحزم وذكاء لحماية شعبها. وبما أنّنا لا نزال في بداية الأزمة فإن هذا الحزم وهذا الذكاء يجب أن يستمرا ويستشفا ما يمكن أن يحصل.. كيف؟ يجب أن نتوقع الأسوأ، وبائيا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وأمنيًّا. لدينا عشرات آلاف العمال الذين يعملون في إسرائيل، في ظل العماء العنصري يمكن أن يعاد لنا هؤلاء العمال محملين بالوباء، وهو أمر قد لا تكون لقطاعنا الصحي قدرة على الاستيعاب، ولا اقتصادنا قادر على تحمل الأعباء.
وعلى ضوء الشلل في بعض قطاعات الاقتصاد فإن علينا إعادة هيكلة اقتصادنا وشؤون حياتنا ضمن أولويات مختلفة، وأن ندير ما لدينا من موارد على صعيد الدولة والأفراد بشكل ذكي ومن دون أي هدر مقصود أو غير مقصود. الأولوية اليوم لمسألتين: مواجهة الكورونا، وتأمين الغذاء والمواد الطبية. وفيما يتعلق بالغذاء، هناك إمكانية لاستعادة عمالنا المهددين داخل الخط الأخضر الذين قد يشكلون خطرا على باقي الشعب، وهناك إمكانية أن نحولهم للزراعة وبعض الصناعات لإنتاج الغذاء. وأن تهيئ لمشاريع زراعية صغيرة في كل القرى، وأن نواصل العناقيد الإنتاجية ضمن خطة تحقق إنتاجا للمحاصيل الأساسية، خاصة الحبوب والخضار. ومن المعروف أن الحكومة أرادت أن تمنح العمال معونة اجتماعية شهرية بقيمة 500 دولار، فإن ذلك يعني أنها ستضطر أن تدفع 100 مليون دولار لمئة ألف عامل وهو أمر لا يمكن تحقيقه. ولكن بمبلغ أقل بكثير يمكن تشجيع العمال للعمل في الزراعة، واستصلاح أراض بمساحات صغيرة، ويستفيد العامل وأسرته من إنتاجها.
من هنا، لا بد من إجراء تعديل على المثل سابق الذكر ليصبح كالتالي، استخدم قرشك الأبيض بذكاء لينقذك في اليوم الأسود، وهذا ينطبق على الدولة والأسرة والفرد. هذا الأمر يحتاج إلى خطة بسيطة نضعها بالتعاون بعضنا مع بعض وبالتكاتف والتكافل، بما لدينا من موارد والهدف إنتاج الغذاء، فإذا ضمنا صحتنا وغذاءنا سننتصر على هذه الجائحة وتداعياتها وتستمر حياتنا.
نحن اليوم كغيرنا من الدول والشعوب نعيش حالة الصدمة. ولكن من المهم أن لا نطيل البقاء في هذا المربع، وأن نفكر بالغد وصناعة المستقبل، أن نتكيف مع الواقع الجديد ونواصل العمل.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها