يفتك المستوطنون الإسرائيليون وجنود جيش منظومة الاحتلال بأرضنا كما يفتك فايروس الكورونا برئة الإنسان، ويقتل جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي برصاصهم شبابنا العزل ويعتقلهم، كما يقتل فايروس الكورونا كبار السن وضعاف المناعة ولا يمنحهم فرصة للنجاة.
سيمر فايروس الكورونا في بلاد العالم وسينتهي كما أوبئة سابقة عمت ثم اندثرت، وسيتذكره الناس كمستوطن قاتل مؤقت، إلا في بلادنا فلسطين التي ابتلاها النظام الاستعماري العالمي بفايروس الاستيطان الدائم الإجرامي القاتل.
تشهد أمة الإنسان تحوّلا في علاقاتها في خضم اجتياح النوائب وتفشي الجوائح، حيث تتراجع حدة الصراعات والنزاعات والحروب لصالح الالتقاء عند حدود المصلحة العامة والتعاضد والتكامل لصد هجوم مميت لا يفرق بين أمة وأخرى، وعرق وآخر وأتباع عقيدة وأخرى وتجاوز تبعاته المدمرة، إلا على هذه الأرض المقدسة فلسطين المحتلة، فإن منظومة الاحتلال والاستيطان الاستعماري الإسرائيلي تعاكس عن سابق تصميم وترصد مسارات وتوجهات الإنسانية وتتجاوز كل علامات الالتقاء الحضاري والثقافي بين الأمم والشعوب، وتخالف قوانينها وشرائعها مستغلة أي لحظة، لا يردعها وباء ولا جائحة ولا نائبة أو كارثة، فهذه المنظومة العنصرية قد برمجت اتباعها على الجريمة ضد الإنسانية في كل الأحوال والظروف.
بدون سابق إنذار اطلق جنود منظومة جرائم الحرب هذه رصاص بنادقهم على رأس الشاب سفيان الخواجا فارتقت روحه على الفور وتخضب تراب قريته نعلين بدمائه الحارة الغيورة على سلامة وأمن بلدته، والسبب أنه وقف مع بعض أقرانه بدون سلاح ليمنعوا مليشيا تابعة لهذه المنظومة (مستوطنين) من دخول أراض قريته وتخريب ممتلكات أهلها، فيما العالم كله مشغول بمتابعة وإحصاء ضحايا جائحة الكورونا العابرة للقارات.
لم يكن إلقاء العامل مالك غانم من بلدة صرة في محافظة نابلس، قرب الحاجز العسكري للاحتلال الإسرائيلي في بيت سيرا إلا انعكاسا طبيعيا لمنظور شريحة واسعة يرتكز عليها المشروع الاستيطاني الاحتلالي العنصري الإسرائيلي، فهذا رب عمل إسرائيلي يشتبه بإصابة العامل الفلسطيني غانم بالفايروس، فيسارع لإلقائه رغم حالته الصحية الصعبة على جانب الطريق دون اعتبار لكرامته الإنسانية، فتعامل مع إنسان كتعامله مع قطعة من آلة تعطلت أو انتهت صلاحيتها.
فعلة رب العمل العنصري هذا انعكاس لمنهج أصولي راسخ في عقل ومنطق رئيس حكومته بنيامين نتنياهو الذي مازال حتى اللحظة لا يريد رؤية حوالي مليوني عربي فلسطيني مازالوا متجذرين في وطنهم فلسطين التاريخية والطبيعية ويعمي بصره عن خمسة عشر نائبا (القائمة المشتركة) يمثلون الجماهير العربية ويطلب من منظومته ألا تعتبرهم خارج الحسابات القانونية والتشريعية، أي اعتبارهم أمواتا، وهو يعلم يقينا انهم نبض أصحاب الأرض الأصليين، نبض الشعب الفلسطيني الصامد المتجذر في ارض وطنه، وأوجه الشبه بين ما فعله رب منظومة الاحتلال والاستيطان العنصرية نتنياهو، ورب العمل هذا أن العامل غانم سليم لم يمسه الفايروس كما أكد الناطق باسم الحكومة الفلسطينية إبراهيم ملحم بعد فحص ضحية العنصرية (العامل الفلسطيني) غانم .
كتب 300 طبيب إسرائيلي إلى رئيس دولتهم رؤوفين ريفلين يحذرون من استغلال نتنياهو لوباء الكورونا وتوظيفه لصالح تعزيز أطماعه السلطوية فجاء في عريضتهم: "أننا متزعزعين من رياح العنصرية التي تهب في أوساط منتخبي الجمهور ومن محاولتهم أن يخرجوا من اللعبة الديمقراطية جمهورا كاملا يعيش بيننا. وهم أناس يصابون بالمرض مثلنا ويتحملون العبء مثلنا".
رئيس الكنيست لا يسمح بتصويت في الهيئة العامة كما هو مطلوب منه، هو استغلال بشع للوضع. والحديث هنا عن انقلاب سلطوي في إسرائيل، وهذا ما يقولونه في وسائل الإعلام الدولية أيضا. وسنستيقظ بعد الأزمة على دولة مختلفة، ليست ديمقراطية" .
المستوطنون (ميليشيا نتنياهو) برهنوا ميدانيا على تخوف الأطباء عندما هجموا كالهمجيين (بالبلطات) على فلاحين فلسطينيين كانوا يعبرون عن عشقهم لأرضهم في زمن الوباء برعايتها وفلاحتها، بعد اقل ممن 12 ساعة على خطاب الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرتش الذي طالب بإيقاف كل النزاعات والصراعات وإشكال الحروب والاقتتال في العالم للتفرغ والتعاون للقضاء على وباء الكورونا.
نقلت الأخبار إصابة 1656 شخص بالفايروس بينها 31 حالة وصفت بالخطيرة، إلى جانب 10 آلاف شخص يحملون الفايروس لم يتم تشخيصهم بينهم جنود في الجيش والشرطة ما يعني أن الفايروس قد عم أكان الدولة معنويا وماديا، ما دفع الأسرى الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال للاحتجاج وإرجاع الوجبات الغذائية، لأن سلطات الاحتلال لم تتخذ التدابير اللازمة لمنع تفشي الفايروس ، وزادت على هذه الجريمة منع من المعقمات ومواد التنظيف عن الأسرى، وكأننا بصدد محرقة بحق الأسرى الفلسطينيين ولكن ليس بأفران وإنما بفايروس لا مرئي ولا مضاد له حتى الآن!!
تثبت منظومة الاحتلال الاستعماري الاستيطاني في زمن بنيامين نتنياهو للمرة المليون أنها أخطر (فايروس بشري) عرفته أمة الإنسان، وأنهم بالاحتلال والاستيطان وجرائم الحرب والعنصرية هم الأخطر على البشرية من الوباء في زمن العدل والمساواة والحرية والحقوق الذي نظم تشريعاته العقلاء.