البشرية تعيش ما يشبه حالة حرب عالمية، ولكن دون أصوات المدافع وأزيز الرصاص وغارات جوية وصاروخية، ناس يموتون بالآلاف والمصابون بعشرات الآلاف. المشكلة في هذه الحرب أن البشرية تواجه عدوا غير مرئي، وأن لا سلاح ناجعًا لمواجهته، والمشكلة الأعقد أن بعض الزعماء وبعض الدول يتصرفون بأنانية وضيق أفق، ويقومون باستغلال الكورونا لتأجيج الصراعات بدل الاتحاد في وجه هذا الوباء الفتاك.
إلى جانب الكوارث الإنسانية، التي يتوقع أن تفقد البشرية مئات الآلاف إن لم يكن ملايين، فإن العالم سيواجه، من الآن وحتى عام، كوارث اقتصادية واجتماعية، بمعنى إرتفاع كبير في معدلات البطالة والفقر وكساد اقتصادي. هذه الكوارث لن تستثنى منها الدول الكبرى والصغرى والغنية والفقيرة قد تكون بنسب متفاوته ولكن الجميع سيكون تحت وطأة هذة الكوارث.. السؤال كيف يمكن أن تواجه البشرية هذه الحروب الصامتة؟ وكيف يمكن أن نواجه نحن الفلسطينيين والعرب هذه الكوارث؟
هناك دول تعتقد أنها إذا أغلقت على حالها وحمت نفسها وبائيًا واقتصاديًا يمكن أن تحقق نجاحا. هذه النظرة قصيرة المدى لا تدرك أن الاقتصاد العالمي كل يكمل بعضه البعض، فإذا ترك الآخرون لحال سبيلهم ينهارون وبائيا واقتصاديا فإن أحدا لن ينجو في نهاية المطاف. لذلك إما أن نواجه هذه الحروب مجتمعين متضامنين متكاتفين وإلا سنكون أمام وضع قد تنهار معه الحضارة الإنسانية.
أما نحن الفلسطينيين، صحيح أن الأولوية الآن لمواجهة الكورونا وانتشارها، فإن علينا أن نرى ونفكر بالصورة الأوسع المشار إليها سابقًا، ولأننا نعيش تحت تحت احتلال عنصري، ولأن اقتصادنا ريعي بالأساس، فإن الكارثة قد تصلنا أسرع من غيرنا. وفي ظل الأزمة العالمية قد لا نجد من يقف إلى جانبنا. وبما أن الكثير من القطاعات قد تشل أو تتأثر بجائحة الكورونا، فإن الحل هو الاستثمار بما لدينا من موارد وخاصة قطاع الزراعة. زراعة المحاصيل على كل شبر يمكن زراعته، وأن نشجع الاقتصادات المنزلية والصغيرة بهدف تشكيل دائرة إنتاج غذائي وصناعي بسيطة. ليس هناك وقت كثير لنضيعة، فكما نعمل بحزم تجاه الكورونا علينا أن نشكل فريقًا متفرغًا للاقتصاد يعمل بالتوازي وبالحزم نفسه.
قد يبدو الكلام غير متصور للبعض، ولكن علينا أن ندرك أن العالم يتجه بسرعة نحو مصاعب بل وكوارث كبيرة، وما نحن إلا شعب صغير يرزح تخت الاحتلال. صحيح أننا شعب صلب وذكي، ولكن الأمر أكبر منا ومن غيرنا بكثير. لنقرأ الأمور جيدًا ونتصرف بسرعة وبذكاء وحزم.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها