نزعة حماس الانشقاقية متأصلة، وهي جوهر تكوينها الإخواني. كنا نعتقد، أو بلغة أدق كان البعض يعتقد أن وباء الكورونا قد يخفف من هذه النزعة لأن الخطر يداهمنا جميعًا، وأن حياة البشر أهم بكثير من الصراعات السياسية.

حماس مع الأسف تصرفت وأصرت أن تغرد منفردة في هذا الظرف الاستثنائي، وأن تذكر الشعب الفلسطيني بفعلتها الانقلابية البشعة وباصرارها على الإنقسام عندما أعلن الرئيس حالة الطوارئ، وأعلن رئيس الوزراء جملة إجراءات هدفها منع انتشار الوباء، وبدل أن ترحب حماس بخطوات هي للصالح العام، سارعت للقول إن حالة الطوارئ لا تنطبق على قطاع غزة، وأن الأوضاع هناك مختلفة عن الضفة، وبالممارسة حاولت اتخاذ قرارات مناقضة بما يتعلق والمدارس والجامعات، إلا أن هذه الأخيرة أعلنت منفردة التزامها بقرار الحكومة. والأكثر خساسة، عندما أرسلت السلطة جهاز فحص الكورونا للقطاع، وبدل أن تقدم حماس الشكر، أخذت تصدر بيانات منفصلة للتأكيد أنها حالة منفصلة ومنشقة، وتقوم بفتح قنوات تعاون من تحت الطاولة مع إسرائيل.

من الواضح أن حماس لا هم لها سوى إرسال رسائل إلى إسرائيل، جوهرها أنها ملتزمة بالانقسام والانشقاق، وأنها طرف يجب التحدث معه بشكل منفصل. إن آخر هم لحماس هو الانسان الفلسطيني، فبالنسبة لها الكل وقود لمصالحها وخدمة لأهدافها وأهداف جماعة الاخوان.

أي أمل يمكن نرجوه من هذا التنظيم الإخواني، الذي يستغل وباء الكورونا ليؤكد انفصاله.. ليناكف الشقيق الفلسطيني، أي أمل نرجوه بعد هذا الانحطاط الأخلاقي والسياسي. ومع ذلك، ولأن معركتنا طويلة مع الكورونا، ولأن مصلحة كل مواطن فلسطيني فوق كل اعتبار فإننا نقول لحماس كفى، لنضع أيدينا بعضها مع بعض لندرأ المخاطر عن شعبنا. فإذا كانت البشرية جمعاء في حالة تضامن وتعاون وتكاتف وتكافل فالأجدر بنا، نحن الذين نعيش تحت الاحتلال أن نتعاون ونتضامن وننحي جانبًا كل خلافاتنا وصراعاتنا حتى نعبر نفق خطر الكورونا، فروح أي مواطن فلسطيني هي أغلى وأثمن من أي انقسام عبثي لا منتصر فيه إلا دولة الاحتلال