بعد أكثر من أسبوعين على إعلان الرئيس محمود عباس، حالة الطوارئ، لا بد من تقييم الموقف، وتسجيل الملاحظات: الإيجابي منها والسلبي، بهدف تعزيز الإيجابي والتخلص من السلبي، فالمشكلة جدية جدًا لا يجب التهاون والتساهل معها. من المفترض وبعد أشهر من انتشار فيروس الكورونا، المفترض أن الجميع أصبح يدرك مخاطره وطرق انتشاره وطرق الوقاية منه.
في خانة الإيجاب، تأتي قرارات الرئاسة والحكومة ووزارة الصحة وطريقة تطبيقها وأساليب التعامل مع الحالات المصابة والمشكوك فيهم من المخالطين، وأيضًا فيما يتعلق بالإرشادات الوقائية وكثافة وطرق نشرها. وهنا تجب الإشادة بدور الاعلام وتعاونه وتكامله مع الجهات المختلفة للوصول إلى كل مواطن. ومن الإيجابيات دور الأجهزة الأمنية بكل فروعها ومتابعتها الحثيثة في مجال المعلومات، وفي الميدان، هناك تكاملية جيدة بين كل القطاعات، وهذا أمر حاسم في النجاح من الحد من انتشار الفيروس.
وفي باب الإيجابيات هذه الشفافية والمصداقية التي تتمتع بها إعلانات الحكومة، والتوجه بخطاب واحد والمعلومة الدقيقة ذاتها، هذه الشفافية من شأنها منح الثقة للمواطن ودفعه للتجاوب مع إجراءات الحكومة. وما تجب الاشادة به أيضًا هو إحترام المواطنين بشكل معقول للإجراءات وما يتعلق بخطوات الوقاية والنظافة.
أما ما هو سلبي: عدم الحزم الكافي تجاه بعض المظاهر والمرونة والتساهل التي قد تفهم من المواطنين أو بعضهم بأن يتساهلوا بدورهم في أخذ الحيطة والحذر الكافيين، ففي موضع خطر كهذا الفيروس على المواطن تطبيق التعليمات والإجراءات بنسبة 100% وألا نترك ثغرات، سواء فيما يتعلق بالوقاية أو في تنفيذ إجراءات الحكومة.
إن مسؤولية المواطن في الحفاظ على نفسه وغيره هي مسؤولية حاسمة في مواجهة الكورونا ودونها لا يمكن النجاح في وقف انتشار الوباء. وعلى المواطن أن يدرك أن هذا الوباء ممكن أن يقتل الآلاف إذا لم نتصد له مجتمعين ومتكاتفين. لذلك علينا البقاء في بيوتنا وأن نتخلص ولو لفترة من الزمن من بعض عاداتنا الاجتماعية، وعن اللامبالاة في الخروج من المنزل دون سبب ومواصلة الزيارات كأن شيئًا لم يكن.
إراداتنا وإمكانياتنا محدودة، لذلك علينا من جهة التقيد التام بالتعليمات، وفي الوقت نفسه أن يهب القطاع الخاص ليقدم الدعم بشتى الطرق للحكومة، خاصة في تأهيل المستشفيات ومقار العزل والحجر بكل المعدات المطلوبة. هناك حاجة ماسة لأجهزة التنفس الصناعي، وزيرة الصحة الدكتورة مي كيلة أعلنت أن لدينا الآن 120 جهازًا، وأن الوزارة تسعى للحصول على 250 جهازًا، وفي هذا االبند هذا الموضوع بالتحديد يمكن أن يقوم القطاع الخاص بتوفير 100 جهاز آخر، فالهدف أن نحافظ على حياة الإنسان الفلسطيني بكل ما لدينا من امكانيات.
لقد قدمنا حتى الآن نموذجًا يحتذى به في محاصرة الوباء والحد من انتشاره. وبهذا شهدت لنا منظمة الصحة العالمية والعدو قبل الصديق، ولكن لمواصلة هذا النجاح لابد من الاستمرار بالحزم وحتى التشدد أكثر بالحزم، كما علينا سد ما تبقى من ثغرات في إجراءاتنا، خاصة وقف تسلل الوباء عبر معبر الكرامة، ومطار اللد وحظر التنقل بين المدن تمامًا. صحيح أنه ليس لدينا سيادة على كل مناطقنا ومعابرنا وحتى في القرى، لذلك الرهان على وعي المواطن وتحمله الجدي للمسؤولية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها