وقع أربعة وستون عضوًا، من أعضاء الكونغرس الأميركي، رسالة وجهوها إلى وزير الخارجية "مايك بومبيو" دعوا فيها الإدارة الأميركية إلى "معارضة هدم إسرائيل، لمنازل الفلسطينيين في الضفة الفلسطينية المحتلة، وتحديدًا في القدس الشرقية"، مذكرين بعمليات الهدم الأخيرة، في وادي الحمص، والتي ينبغي للولايات المتحدة كما كتبوا في رسالتهم "أن تعمل على منع عمليات الهدم غير القانونية، والنقل القسري للمدنيين". وطالبت الرسالة التي قادها النواب "رو خانا" و"آنا اشو" و"ستيف كوهين" طالبت، وعلى نحو دقيق من وزارة الخارجية "فحص اِمتثال إسرائيل للمتطلبات التي يطبقها قانون مراقبة تصدير الأسلحة، لضمان عدم استخدام المعدات التي توفرها الولايات المتحدة، لتدمير منازل الفلسطينيين".

أربعة وستون صوتًا إذن، في مؤسسة التشريع الأميركية، لا يطالبون إدارتهم السياسية، بالتصدي لعمليات الهدم الإسرائيلية غير القانونية، لمنازل الفلسطينيين فحسب، وإنما يطالبون إدارتهم أساسًا، بالعدالة، وبالسياسات والمواقف النزيهة، إحترامًا لقوانين الولايات المتحدة ذاتها، قبل أي شيء، وعلى هذا النحو ينتقدون وبلغة واضحة، مواقف الإدراة الأميركية الراهنة، وسياساتها المنحازة للسياسات والعمليات الإسرائيلية التعسفية، وينتقدون بذات الوقت، وبلغة أقرب إلى التنديد، سياسات إسرائيل المدمرة، لا لبيوت الفلسطينيين فقط، وإنما المدمرة للنزاهة، وللقيم الأخلاقية، ولفكرة السلام وتطلعاتها النبيلة أيضا.

والواقع أن هذه الرسالة، والتي سبقتها أيضًا رسالة موقعة من 114 نائبًا أميركيًا، و7 أعضاء من مجلس الشيوخ الأميركي، والتي رفضوا فيها "صفقة القرن" إنما هي، وهذه الرسالة الأولى، نتاج صلابة الموقف الوطني الفلسطيني الرافض لصفقة "ترامب" والذي جسده الرئيس أبو مازن، من اللحظة الأولى التي أعلنت فيها الصفقة الفاسدة.

لنا أصدقاء في الولايات المتحدة، نعم، وليس في مؤسستها التشريعية فقط، وإنما في هيئات ومنظمات وشخصيات كثر، فرسالة النواب الأربعة والستين، قد تبنتها أيضًا كل من منظمة "جي ستريت" والعفو الدولية في الولايات المتحدة، والكنائس من أجل السلام في الشرق الأوسط، ولجنة "الفريندز" للتشريعات الوطنية، ومنظمة الفوز بدون حرب، وبأصوات هؤلاء الأصدقاء الشجاعة والنبيلة، والتي ستظل موضع تقدير فلسطين واحترامها، نثق تمامًا أن سياسات الإدارة الأميركية الراهنة المنحازة للمشروع الصهيوني، وتخريفاته، لن يكون لها أي مستقبل، على نحو أكيد، طالما نحن راسخون في صمودنا، تحت رايات الشرعية الوطنية، الدستورية والنضالية الفلسطينية، بقيادة الرئيس أبو مازن الذي ما انفك يفتح أصعب الدورب أمام حراكنا السياسي، ليتقدم نحو بناء المزيد من علاقات الصداقة والتفهم والدعم، لقضيتنا الوطنية، ومشروعها التحرري، ومن ذلك اليوم، أن نمضي مع الأربعة والستين صوتًا من أصوات الكونغرس الأميركي، نحو أصوات اخرى، بأعداد ورسائل أكثر، ونحن أدرى أن للولايات المتحدة، حين النزاهة، واحترام القوانين الدولية، وقرارات شرعيتها الأممية، هذا الثقل الذي يجعل من السلام ممكنًا أن يكون، بحل الدولتين، حين فلسطين الدولة، على حدود الربع من حزيران بعاصمتها القدس الشرقية، وبالحل العادل لقضية اللاجئين.

وللأصوات الشجاعة في الكونغرس الأميركي، نرفع القبعة، والتحية الخالصة المفعمة، بالتقدير، والشكر الجزيل، وبالوعد أن نواصل معها، طريق السلام الصعبة، حتى تغدو سالكة تمامًا، وهذا ما سيسجله التاريخ، لهم ولنا.