لا تكف، ولن تكف حركة حماس، عن ثرثرة المزايدات، كلما تحكمت بها أوهام الامارة الاخونجية أكثر وأكثر، الأوهام التي تزينها قنواتها الفضائية الاخونجية، ببثها المباشر، وبصورة وكأنها تبث خطابا لصاحب ترسانة نووية...!! وعلى هذا النحو نقلت هذه الفضائيات يوم أمس مؤتمرا صحفيا للحمساوي صلاح البردويل، الذي تنافخ بقدر ما يريد البث الفضائي (...!!) وهو يرد في الواقع على صاحبه موسى أبو مرزوق، عضو مكتب حركته السياسي، الذي قال إن ربط الانتخابات العامة بموضوع القدس "أمر مرفوض" ليردد قرار الرئيس أبو مازن لا سواه، انه لا انتخابات دون القدس، لكنه بالطبع ردد هذا القرار الموقف، وكأنه موقف أصيل لحركة حماس، وهذا ما لا يمكن للواقع أن يصدقه، أو يأخذه على محمل الجد..!!!

 

وعلى الأغلب ان حماس كانت تعتقد ان قرار الرئيس أبو مازن بهذا الشأن مجرد مناورة، فناورت هي الأخرى بتصريحات موسى أبو مرزوق التي أرادتها رسالة لاسرائيل والادارة الأميركية معا، انها ليست مع قرار الرئيس أبو مازن هذا، لكنها حين أدركت صلابة هذا القرار، وواقعيته الحاسمة، جاءت بمزايدات البردويل في مؤتمره الصحفي، لا بل انها في هذه المزايدات زعمت سيرة نضالية لها منذ عشرينيات القرن الماضي، وحيث لم تكن هناك حتى جماعة الاخوان المسلمين، التي بقرار قيادة تنظيمها الدولي، شكلت حماس في العام 1987، لتنافس منظمة التحرير الفلسطينية، وتحاول شطبها، كممثل شرعي ووحيد لشعبنا الفلسطيني، وأكثر من ذلك تطرف البردويل بهذا الزعم وهو يوحي ان نضالات الشعب الفلسطيني الوطنية، منذ تلك العشرينيات، كانت حماس في مقدمتها..!! لكن "صيت الغنى ولا صيت الفقر" لا يصح هنا مع حركة حماس، وهي التي في واقع التهدئة والتفاهمات المشبوهة اليوم، الواقع الذي لم يعد أي شك فيه، مع انشاء القاعدة الأميركية المشفى على حدود القطاع المكلوم، التي لا غاية لها، سوى تكريس انفصال قطاع غزة عن الضفة الفلسطينية، لوأد التواصل الجغرافي لدولة فلسطين كما هي في المشروع الوطني الفلسطيني التحرري..!!

 

وبحمى التنافخ يتناسى البردويل ان راتبه ورواتب جماعته، لا تمر عبر الصراف الآلي في غزة، إلا من خلال موافقة اسرائيل، وما من أحد لا يعرف هذه الحقيقة، لكن البردويل وهو يتناسى ذلك، وبالتنافخ الدعائي، يزاود على الحراك السياسي الوطني الفلسطيني الذي يطالب اسرائيل باجراء انتخاباته التشريعية في القدس المحتلة، في موقف يستهدف انتزاع اعتراف اسرائيلي، بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، وهذا مالا تفهمه حماس ولا تحتمل حتى ادراكه، فتزاود على الموقف الوطني بأنها لا تطالب اسرائيل بأية موافقة بشأن أي إجراء أو موقف، وهنا لا يقول البردويل ان صالح العاروري مثلا دخل الى قطاع غزة العام الماضي بموافقة اسرائيل، وليس ثمة من طلب هذه الموافقة سوى حركة حماس، وان كان عبر وسطائها، ولا يقول ايضا ان الصراف الآلي في غزة لا يحمل رواتب الحمساويين إلا بعد موافقة اسرائيل، ولا يقول شيئا البتة عن التنسيق الأمني الذي ألبس عناصر حماس سترا برتقالية، كي لا تستهدفهم رصاصات قناصة جيش الاحتلال قرب "السياج الأمني" على حدود القطاع المكلوم والذي كانت تجري عنده "مسيرات العودة "..!!

 

لا جديد في المتلازمة الحمساوية، وعلى ما يبدو انها اليوم أكثر تفاقما في حالتها وهي تواصل تجلياتها المرضية، بالكذب المفضوح، والادعاءات التي لا طائل من ورائها سوى اضاعة مزيد من الوقت على أصحابها، الذين لن يحظوا في المحصلة بغير الندم وحينها لات ساعة مندم.