بعد مئة وواحد وسبعين يومًا من حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزه وسقوط ما يزيد على ثلاثة وثلاثين ألف شهيد وما يقارب عن مائة ألف جريح أو أكثر خرجت رصاصة الرحمة من مجلس الأمن بعد الوصول إلى قرار وقف إطلاق النار في غزة 
وبين حق النقض ونقيضه ومشاريع عربية وأميركية وروسية نجحت موزنبيق والجزائر ومجموعة الدول العربية وأَعلنت باسمِ الدولِ غيرِ الدائمة في المجلس نصاً لاقى تأييدَ أربع عشْرَةَ دولةً فيما اختارت أميركا إمساكَ العصا من النِّصف،/ فامتنعتْ عن التصويت  ولم تعرقلِ المشروعَ وتجنبتِ استخدامَ الفيتو وقد جن جنون نتنياهو للموقف الأمريكي المستجد في الصراع الدامي الذي تشهده غزة.  
القرار رقم 2728 نصَّ على وقفٍ فوري لإطلاق النار في شهر رمضان يتحولُ إلى مستدامٍ ويطالبُ بالإفراج الفوري وغيرِ المشروط عن جميعِ الرهائن وبكفالةِ وصولِ المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتِهم الطِّبية وغيرِها من الاحتياجات الإنسانية.
ومن أمام معبر رفح، شدد الأمين العام أنطونيو غوتيريش على أن الوقت قد حان للوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية ولإسكات الأسلحة، وجدد التأكيد على عدم وجود ما حدث في 7 تشرين الأول/أكتوبر، أو يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني.


وقال إن الفلسطينيين في غزة، أطفالاً ونساء ورجالاً، ما زالوا عالقين في كابوس لا ينتهي: "مجتمعات تُطمس، ومنازل تهدم، وعائلات وأجيال بأكملها يتم محوها فيما يطارد الجوع والمجاعة السكان".
واختتم تصريحاته الصحفية بالقول: "لن استسلم ، ويجب ألا نستسلم جميعًا في فعل كل ما يمكن لتسود إنسانيتنا المشتركة في غزة وأنحاء العالم".
هذه المواقف للأمين العام للأمم المتحدة وكذلك مواقف غالبية دول العالم دفعت الولايات المتحدة للعزوف عن استعمال حق النقض الفيتو رغم علمها بتداعيات الموقف مع إسرائيل  إذ ارتفعتِ النبره الخِطابيةُ وقررَ بنيامين نتنياهو استخدامَ الفيتو ضد فريقِه المتوجِّهِ إلى واشنطن ومَنَعَهُ من مغادرة تل أبيب، وهو يضمُّ رئيسَ مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي ووزيرَ الشؤون الإستراتجية رون درمر، في وقت أعلن البنتاغون إن الاجتماعَ بين وزير الدفاع الأميركي ونظيرِه الإسرائيلي لا يزال قائماً في موعده المحدد الثلاثاء، وبذلك تكون إسرائيل قد سَحبت وفدَها الذي سيَبحثُ اجتياحَ رفح وأَبقت على وزيرِها يوآف غالانت الذي سيقوم برحلة للاطلاع على أحدث صناعة السلاح الأميركي فيحجِزُ من المتاجرِ هناك ما يمكنُه أن يسرِّعَ في قتل الفلسطينيين.
عملياتُ الابتزاز مستمرةٌ واستمرارُ نتنياهو باعلان استعدادِه لاجتياحِ رفح، وهو ما حَذرت منه خارجيةُ أميركا مجدداً قائلةً إنَّ الاجتياحَ سيكون أمراً خاطئًا ، وتحذر من تبعاته وتداعياته وتحذر من تبعاته العديد من دول العالم ، من جهته، قال منسق الاتصالات الإستراتيجية لمجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إن الامتناع الأميركي عن التصويت على قرار مجلس الأمن "لا يمثل تحولا في سياستنا"، موضحا "لم نصوت لصالح القرار واكتفينا بالامتناع عن التصويت لأن الصيغة النهائية لا تتضمن التنديد بحماس".
وأضاف كيربي "إذا قرر الإسرائيليون عدم القدوم إلى واشنطن بسبب تصويت مجلس الأمن فسنستمر في التواصل معهم لإيصال آرائنا"، وقال البيت الأبيض إن قرار الحكومة الإسرائيلية عدم إرسال وفد إلى واشنطن لتبادل الآراء بشأن العملية المزمعة في رفح "مخيب للآمال". 


تدرك إسرائيل أن قرار مجلس الأمن لوقف النار يعد تغير في الموقف الدولي تجاه هذه الحرب، وتصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل وحلفائها لوقف الحرب وأن أهمية القرار - اعترف ضمنا -في الفقرة الثانية- بالوضع الغذائي والإنساني الكارثي الذي وصل إليه القطاع، وذلك بالنص على زيادة تدفق المساعدات الإنسانية على نحو سريع، هذا مع أن صيغة القرار لم تُدن أيًا من الجرائم الإسرائيلية في غزة بما فيها الإبادة الجماعية، لكن القرار لم يتضمن أي نص يدين المقاومة الفلسطينية، رغم الضغوطات الأميركية بهذا الاتجاه، والسؤال هو هل تنجح الجهود الدولية عبر قرارها لوقف الحرب أم أن إسرائيل ستضرب بعرض الحائط بقرار مجلس الأمن لوقف الحرب  وتستمر بحربها حيث تعود المجتمع الدولي على تمرد إسرائيل على كافة القرارات الدولية وقرار محكمة العدل الدولية؟ فهل  سيقدم مجلس الأمن على اتخاذ قرار يلزم إسرائيل وتحت البند السابع  للالتزام بقرارات الشرعية الدولية لوقف الحرب والإقرار بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وحق تقرير المصير.