بعد مئتي يوم من العدوان الحربي الإسرائيلي على قطاع غزة المكلوم وقد امتلأت هذه الأيام بمئات الآلاف من الضحايا شهداء وجرحى ونازحين، وبات القطاع خلالها غارقًا في دمه، وفي الركام العميم، بعد هذه الأيام المئتين مازالت خطابات الاعلام الاستعراضية على حالها، كما العدوان الحربي بحد ذاته، لا وقف للنار وما من دروب سالكة تمامًا أمام المساعدات الإنسانية حتى الآن!.

ما ثمة مراجعات نقدية، ولا هناك من يطرح الأسئلة الجارحة، والطامة الكبرى أن خطاب "حماس" ما زال على حال النكران، بالجملة الشعبوية لا سواها، التي تفرد لها شاشات الخديعة المساحات الواسعة، وبمحللين عسكريين وسياسيين ما زالوا يخضون الماء في القربة ذاتها، على وهم أن لبنا رائقا يمكن أن ينتج من وراء هذا الخض. 

منذ الأيام الأولى للعدوان الحربي الاسرائيلي، قلنا وما زلنا وسنظل نقول إن المخرج من هذه الجائحة يكمن في وحدة الموقف الوطني الفلسطيني، وبما يعني أن تكون "حماس" في إطار هذه الوحدة، بعيدا عن عواصم التمويل الإعلامي والمالي معا، وأن تذهب حماس في إطار وفد فلسطيني موحد إلى مفاوضات وقف العدوان، بل وانهائه مرة واحدة وإلى الأبد، بما يجعل طريق التسوية السياسية العادلة سالكًا، وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية، بما يحقق لفلسطين دولتها المستقلة على حدود الرابع من حزيران، وبعاصمتها القدس الشرقية.

بعد مئتي يوم من هذا العدوان الذي لا يبدو حتى اللحظة أنه في وارد التراجع والتوقف، لا نرى "حماس" في وارد المراجعات النقدية، لا بل أنها على ما يبدو لم تعد  تقرأ حتى روايتها، التي وضعتها تحت عنوان "لماذا طوفان الأقصى؟" ففي هذه الرواية ثمة أهداف تبخرت، وما عادت "حماس" تأتي على ذكرها!

لنكن واضحين تمامًا، كلما توغل الخطاب الشعبوي في نكرانه للواقع، وتشبثه بشعاراته ذاتها، وواصلت تلك الشاشات التصفيق لهذا الخطاب، وتضخيم كلماته ومنجزاته البلاغية. ظل العدوان الحربي الإسرائيلي قابلاً للتمدد والتوسع الدموي العنيف، وعينه القناصة اليوم على رفح ليرديها بطلقة الخراب والموت!

مائتا يوم من الدموع والقلوب المكلومة والمقابر الجماعية، وسيقف العالم معنا تماما لوضع حد لهذا الوضع الكارثي، متى سنقف مع أنفسنا موحدين في الموقف، والسياسة والخطاب، والسلوك وبيت الشرعية الفلسطينية هو عاصمة الحل وما من عاصمة في المحصلة سواها.