المأزق السياسي الإسرائيلي داخليا وخارجيا، يتطور بسرعة إلى درجات متصاعدة من الخطورة، ويعبر عن نفسه بانكشاف كبير لحقيقة إسرائيل، بأنها بعد كل هذه السنوات لم تزل دولة احتلال وقوة عدوان، وأنها لا تستطيع أن تنتج نفسها إلا على هذا النحو، حتى أن عمليات التطبيع المجانية مع البعض العربي التي تطل برأسها بين وقت وآخر مصحوبة بقدر هائل من الدعاية والترحيب الإسرائيلي، والتي تشكل طعنة في الظهر ضد الشعب الفلسطيني، لا تكاد تغير شيئا في حجم المأزق الإسرائيلي الذي يتصدره نتنياهو الذي يحاول أن يتشبث بالبقاء، فيوغل في استخدام السياسات والألاعيب التي لها شعبية صادمة، لدى دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهي التوغل أكثر في الاستيطان الذي لم ولن يكون شرعيا في يوم من الأيام، والتوغل في عمليات القتل اليومي ابتداء من الرصاص الحي، وانتهاء بالإهمال الطبي، والقوانين العنصرية، والسجن الإداري الشاذ، واقتحامات المقدسات الإسلامية والمسيحية مثل المسجد الأقصى، والمسجد الإبراهيمي في الخليل وآخرها اقتحام كنيسة القيامة في القدس في يوم الميلاد المجيد، مما يدل على أن المأزق الإسرائيلي الذي يمرره نتنياهو يفقد هذه الدولة حصانتها، ويفضح أكاذيبها، وأحدث هذه الأكاذيب تصريحات نتنياهو ضد المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية بأنها معادية للسامية!!! وكأن المدعية العامة التي أعلنت قرارها ببدء التحقيق في جرائم حرب ترتكبها إسرائيل ضد شعبنا الفلسطيني، هذه التحقيقات جاءت من الفراغ، وليس عبر تراكم الأدلة، كمال قال وزير خارجيتنا الدكتور رياض المالكي.

هذه العجرفة الإسرائيلية ومن قبلها العجرفة الأميركية على لسان مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي، تدل على أن قرار محكمة الجنايات الدولية، شكل بالنسبة لشعبنا ونضالنا الوطني صعودا مفاجئا لم تكن تتوقعه لا إسرائيل نتنياهو ولا أميركا ترامب، ويجب ان تنتبه كل الأطراف الفلسطينية بحيث لا ترتكب مجانا، أخطاء تؤدي إلى اختراق سلبي في صعود نضالنا الوطني كما تفعل حماس التي تماطل منذ العام 2006، في موضوع الانتخابات بكل أشكال المماطلة، وكلما انفتح المسار أمام إنهاء الانقسام عادوا وأغلقوه عبر اللحاق بالأوهام الإسرائيلية وفجأة، ومنذ أعلنت قيادتنا الشرعية أنه من دون الانتخابات في القدس فلن تكون هناك انتخابات، والضغط على إسرائيل لدى كل المؤسسات الدولية وكل قوى الشرعية الدولية كي لا تقف في وجه الانتخابات في القدس، تخرج علينا حماس بما هو سلبي جدا، مفاجئ جدا، بضرورة صدور المرسوم الرئاسي الذي كانت تماطل فيه، أن يصدر المرسوم فجأة، ولا تنتظر موافقة إسرائيل!!! كما لو أن إسرائيل لا تحتل أرضنا بالقوة، وكأنها في الخارج البعيد، وليست فوق رؤوسنا!!! ما هذا المنطق المقلوب الذي يشبه منطق السفسطائيين الذين كانوا يتحاورون به في الأزمنة القديمة، نحن في طور عال جدا من أطوار نضالنا الذي نهدف من ورائه إتمام الاستقلال الوطني، وبناء دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس وليس إدمان النقاش السفسطائي والقيام بالأدوار الدونكيشوتية مثل تصريحات سيئ الذكر صلاح البردويل.