قرأت وتعجبت: يقول الإسرائيليون إن 40% من ميزانية السلطة تأتي من المانحين، و40% الأخرى من مقاصة الضرائب مع إسرائيل، و10% فقط من إيرادات الجباية المحلية للسلطة.

... ثم قرأت وتعجبت: يقول الأستاذ غسان الخطيب، مدير مكتب الإعلام الحكومي ("الأيام" 12 أيلول): إننا أدركنا درجة ستساهم فيها الإيرادات المحلية بنسبة 60% من ميزانية السلطة في ميزانية العام المقبل.. بلا ضرائب جديدة أو رفع القديمة، بل بتحسين الجباية. في دول العالم، من أميركا إلى دول الاتحاد الأوروبي، إلى إسرائيل هناك موجة من التقشف، وتعديل سلم الأولويات، وإعادة للميزانيات العامة.. وعندنا أيضاً.

لا أستهين بتهديدات الكونغرس المالية للسلطة، ليس لأن 200 موظف فلسطيني فقدوا، أو سيفقدون وظائفهم، بل لأنني أقدر جهود (usaid) في شق وتحسين شوارعنا داخل المدن وما بين المدن.. إلى مشاريع أخرى.

قد تجدون في إصدار العام 2011 الإحصائي السنوي للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني معلومات عن دور تحسين الجباية في زيادة الإيرادات المحلية لميزانية السلطة، أي الارتقاء درجة في سلم ومعايير المواطنة المساندة في أميركا وأوروبا، حيث يقول المواطن عن نفسه: "أنا دافع ضرائب".

لدي، كواحد من المواطنين المشاة، اقتراح لزيادة إيرادات السلطة.. وليس من ضرائب على سيل السيارات الجديدة التي تدخل العمل، بل من هؤلاء الرجال "الفسفوريين" شرطة السير الذين يملؤون زوايا شوارعنا.. وقلما نجد بين أيديهم دفتراً لمخالفات السير.

صحيح، لم تعد "تنظمنا يد الفوضى" تماماً في شؤون تسيير السير في شوارعنا.. لكن شيئاً إضافياً من التنظيم الحازم، وفرض مخالفات سير على المخالفين، من شأنه زيادة إيرادات السلطة.. وبشكل مشروع تماماً.

مثلاً: تقف السيارات على أرصفة مخططة أحمر / أبيض (ممنوع الوقوف) ولا يخالف أصحابها. وتقف السيارات على أرصفة مخططة أزرق / أبيض (عدادات الدفع المسبق) وهي معطلة الآن.. ويتجادل شرطي السير طويلاً مع المخالف، ويتعدى المخالفون على الأرصفة الخاصة بالمشاة.. حتى في "ممر المشاة" المخطط بالأبيض، وتتوقف السيارات (المقدسية بخاصة) على أنواع ومنحنيات مفارق الطرق.

ماذا لو كان اقتراحي كالآتي: على كل شرطي سير أن يضرب المخالفين بمخالفة، ومن ثم يوفر على ميزانية السلطة نصف راتبه الشهري.. وفي خطوة لاحقة، يمكن فرض مخالفة على عادة سيئة في السياقة بشوارعنا الداخلية، وبخاصة بين المدن، وهي إضاءة مبهرة لمصابيح السيارة دون داع، مما "يعمي" السائقين عن تبصر ليلي لتمييز مشاة فوضويين يقطعون الشوارع من غير أماكنها الآمنة، عدا مخالفة تبادل الأضواء بين السيارات التي تسير في اتجاهين متعاكسين!.

هناك ثقوب في تحصيل الإيرادات يجري سدّها تدريجياً، وبخاصة في فواتير الكهرباء والماء، مع تركيب عدادات الدفع المسبق، لأن كثيراً من المكلفين يصرف مئات الشواكل على الدخان والهاتف الجوال، ويستنكف عن دفع عشرات الشواكل ضريبة استهلاك!.

النظافة

على سلال القمامة علقت بلدية رام الله عبارة: "نظافة مدينتنا دليل حضارتنا". لماذا "حضارتنا" وليس "رقينا" وبالأحرى "مواطنيتنا". لا يجوز نسبة "الحضارة" لكل مظاهر الحياة وعاداتها، ومن ثم فإن عبارة "شكراً" على سلال القمامة تكفي.

رأيت بالأمس تلاميذ مدارس مع قبعات و"تي - شيرت" وقفاز بالأيدي يقومون بجمع الأكياس والزجاجات من أماكن غير مبنية في "شارع المعاهد". قلت للمسؤول عن التلاميذ "شكراً".. ولا أدري لماذا كل "حفرة ونقرة" في الشوارع أو أرض غير مبينة تملؤها بالفوارغ والمهملات و"الزبالة". أليس الأجدى تعليم التلاميذ رمي أكياس البطاطا المقرمشة في سلال المهملات، وليس على الأرصفة؟

تبقى ملاحظة شبه عابرة للمشاة على أرصفتنا الضيقة، وهي الوقوف الجماعي للثرثرة.. ليس بالعرض ولكن بالطول على امتداد الرصيف. هذه ملاحظة خاصة بالنساء أولاً اللواتي يجعلن عربات الرضع والأطفال في عرض الرصيف.

أعرف أن بناء مواطن أصعب بكثير من بناء مواطن صالح.. من دفع الضرائب إلى آداب المرور في الشوارع وعلى الأرصفة. لكن يمكن أن نبدأ بتنشيط هؤلاء "الفسفوريين" في شوارعنا! "خالف تدفع". "استهلك تدفع".. ومن ثم، يمكن زيادة الإيرادات من جهة، وفرض نظام من جهة أخرى.