هل يمكن رؤية” صفقة شاليط “ خارج سياق انفتاح الادارة الأميركية الحالية على جماعة الاخوان المسلمين، فالمكتب السياسي لحماس يخضع لقرارات وتوجهات مكتب الارشاد للاخوان وهو أعلى هيئة قيادية للجماعة، فالجماعة اليوم ليست كالأمس، فمن اجل الاندماج بالنظام السياسي الجديد في مصر، وتأمين قبول القوى الكبرى سمحت لمقدمتها المسلحة في غزة باتمام الصفقة حتى ولو كانت ادنى بكثير مما كان معروضا على حماس قبل حوالي سنتين.

استنجد رئيس حكومة اليمين الاسرائيلي المعزول دوليا بمنقذ، فسارعت قيادة حماس المعزولة فلسطينيا وعربيا ودوليا الباحثة عن استقرار امني وسلامة شخصية اثر سلسلة الهزات التي تضرب حليفها فيما كان يسميها عاصمة الممانعة (دمشق) سارعت لالقاء طوق النجاة لنتنياهو ليخرج سليما من طوفان الانتفاضة الاجتماعية والمد اليساري باسرائيل، فالأمر كما هو واضح أن اليمين الناطق بالعربي انقذ اليمين الناطق بالعبري من الغرق !.

كلنا متفقون على أن حرية الانسان مبدأ مقدس، فحرية الأسرى الفلسطينيين والعرب حق، وان تحريرهم قضية وطنية، لكن “ استخدام “ هذا المبدأ الحق كورقة جوكر في لعبة السياسة، يكشف ضيق افق وصغر مساحة النظرية السياسية للمستخدم، اذ ان محاولات التكسب السياسي على ظهر المبدأ والحق سيؤدي الى نتائج عكسية بخلاف توقع المتكسب (الفرحان ) بما كسب، وهذا ما ستلمسه قيادة حماس مباشرة بعد مرور اربع وعشرين ساعة على انطفاء كاميرات وسائل الاعلام وانشغالها بالحدث الذي سيلي عملية اطلاق حرية الأسرى.

ربما اعتقد نتنياهو أن شاليط سيكون “ العوامة “ التي ستحمله للبر وتنجيه، وربما اعتقد قادة حماس ان البراغماتية التي ابدتها من أجل هدف “ الجماعة “ الأكبر – سدة الحكم بمصر – كسب رضا وثقة الادارة الأميركية التي تعمل على تحييد ادوات ايران في المنطقة بعد تعطيل قدرة الحاكم بدمشق على عرقلة اية عمليات ميدانية محتملة واستهداف ايران.

لا يمكن اخراج الصفقة من سياق تهديدات الادارة الأميركية واسرائيل بالبحث عن قيادة جديدة للفلسطينيين , ونوايا قيادة حماس القديمة الجديدة التي ربما اخذهم الاعتقاد بان الفرصة سانحة الآن اكثر من اي وقت بسبب موقف الادارة الأميركية واسرائيل من الرئيس ابو مازن لصموده امام ضغوطاتهم وتهديداتهم واصراره التعبير عن ارادة كل الشعب الفلسطيني وأمانيه بالحرية والاستقلال، فمسألة انتهاز الفرص علامة بارزة في تاريخ جماعات وحركات ما يسمى “الاسلام السياسي“.

أهم وأعظم ما في الحدث هو الحرية التي سينالها مئات الأسرى ايا كان عددهم وايا كانت انتماءاتهم السياسية، ومهما كانت مدد أحكامهم، فهذا يعني كل فلسطيني وعربي والمؤمنين بالقيم الانسانية في هذا العالم... وهذا روح الموضوع الذي يجب ان يكون رسالة الشعب الفلسطيني المناضل من اجل الحرية، أما اذا تم استخدام الحدث فانه سيتحول مع الوقت من صفقة الى صفعة على وجه من خطط للتكسب السياسي على حساب حرية الانسان