لم يفاجئ الموقف العدائي الصلف للرئيس الأميركي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة القيادة الفلسطينية ومعها القادة العرب وكل الذين يؤمنون بعدالة القضية الفلسطينية وبضرورة دعم قيام دولة فلسطين، التي تأخر استحقاق قيامها منذ عقود طويلة.

وأيا كانت أسباب موقف الرئيس الأميركي من استحقاق الاعتراف بدولة فلسطين، فإنه أولاً: كذب كل ما جاء على لسانه من دعوات تدعم قيامها وتدفع إلى ذلك.

وإنه ثانياً: استبعد دور الأمم المتحدة الذي يفترض أن يكون المكان المناسب لكل قضايا العالم.

فذلك دليل خبث، كون المحتل الصهيوني لا يعترف أبداً بالكيانية الفلسطينية ويرفض القرار الدولي رقم 242 ويمعن باستباحة ما تبقى من أرض فلسطينية بواسطة الاستيطان والجدار وهدم وتغيير المعالم وبالتالي شرعنة الاحتلال بكل أبعاده.

فيما الإدارة الأميركية ترعى وتدعم وتتفرد بحماية وتحصين الأعمال الإسرائيلية وتمنح نفسها حق شرعنة كل إجراء يتخذ بحق الأراضي الفلسطينية ومصير شعبها.

إن دعوة أوباما إحالة ملف القضية الفلسطينية إلى "المفاوضات"  العميقة هو دليل إصرار على استمرار سياسة الاستفراد بالملف الفلسطيني والدفع باتجاه إنهاء ما تبقى من حق فلسطيني.

الغريب في أمر الإدارة الأميركية هو إمعانها في تكريس كراهية الشعوب العربية لها، وعدم الثقة بدورها وبادعاءاتها تجاه تضامنها وتأييدها لحريتها وديمقراطيتها.

ففي الأصل قام الفراق بين الشعوب العربية والإدارات الأميركية على أساس الموقف الأميركي من الاحتلال الإسرائيلي للأرض العربية، وبسبب رعاية ودعم الإدارة لكيان الاحتلال متى تسقط الإدارة الأميركية على حقيقة سبب كراهيتها في العالم العربي، ومتى تستشعر ضرورة احترام مشاعر الشعوب العربية تجاه النظر إلى حقيقة وقوة حضور القضية الفلسطينية في وجدانهم؟

قد يلزمنا نحن أيضاً إشعار الإدارة الأميركية بخطيئة ربط مصير صورة الولايات المتحدة بوجه الصهيونية البشع...

قد يكون للربيع العربي رأي بذلك. فكلما ترسخت الديمقراطية في بلادنا كلما ابتعد تأثير السياسة الأميركية في منطقتنا